فإذا بجذع نخلة، فقال: يا داود أتحب أن أطعمك منه رطبا؟ فقلت: نعم، فضرب بيده إليه ثم هزه فاخضر، ثم جذبه الثانية فأطعمني منه رطبا، ثم مسح بيده عليه وقال: عد نخرا بإذن الله، فعاد كسيرته الأولى (1).
وقال محمد بن سنان: وجه المنصور إلي سبعين رجلا من أهل كابل فدعاهم وقال لهم: ويحكم أنتم تزعمون أنكم ورثتم السحر عن آبائكم في أيام موسى (عليه السلام)، وأنكم تفرقون بين المرء وزوجه، وأن أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق ساحر مثلكم فاعملوا شيئا من السحر فإنكم إن بهتموه أعطيكم الجائزة العظيمة والمال الجزيل.
فقاموا إلى المجلس الذي فيه المنصور وصوروا له سبعين صورة من صور السباع، وجلس كل واحد منهم تحت صورته، وجلس المنصور على سريره ثم قال لحاجبه: إبعث إلى أبي عبد الله.
فقام فدخل إليه، فلما نظر إليه وإليهم وما قد استعدوا له رفع يده إلى السماء ثم تكلم بكلام بعضه جهرا وبعضه خفيا ثم قال: ويلكم أنا الذي أبطل سحركم، ثم نادى برفيع صوته: قسورة خذهم، فوثب كل سبع منها على صاحبه فافترسه في مكانه، ووقع المنصور من سريره وهو يقول: يا أبا عبد الله أقلني فوالله لا عدت إلى مثلها أبدا.
فقال له: قد أقلتك.
فقال: يا سيدي رد السباع إلى ما كانوا.
قال: هيهات إن عادت عصا موسى فستعود السباع (2).
فصل في نبذ من كلام مولانا الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) قوله: أحسن من الصدق قائله، وخير من الخير فاعله.