الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٦٠٧
فأطرق هشام طويلا ثم رفع رأسه فقال: سل حاجتك. فقال: خلفت أهلي وعيالي مستوحشين لخروجي. فقال: قد آنس الله وحشتهم برجوعك إليهم، ولا تقم، سر من يومك. فاعتنقه أبي ودعا له وودعه، وفعلت أنا كفعل أبي، ثم نهض ونهضت معه، وخرجنا وانصرفنا إلى المنزل الذي كنا فيه، فوافانا رسول هشام بالجائزة وأمرنا أن ننصرف إلى المدينة من ساعتنا ولا نحتبس. وكتب إلى عامل المدينة أن يحتال في سم أبي في طعام أو شراب، فمضى هشام ولم يتهيأ له في أبي من ذلك شئ (1).
وقال عبد الله بن عطاء المكي: ما رأيت العلماء عند أحد قط أصغر منهم عند أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام). ولقد رأيت الحكم بن عيينة - مع جلالته في القوم - بين يديه كأنه صبي بين يدي معلمه (2).
وكان جابر بن يزيد الجعفي إذا روى عنه شيئا قال: حدثني وصي الأوصياء ووارث علم الأنبياء محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام) (3).
وروى أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان زيد بن الحسن بن زيد يخاصم أبي في ميراث رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويقول: أنا من ولد الحسن وأولى بهذا منك لأني من الولد الأكبر فقاسمني ميراث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وادفعه إلي. فأبى أبي، فخاصمه إلى القاضي، وكان يختلف معه إليه زيد بن علي، فبيناهم ذات يوم كذلك في خصومتهم إذ قال زيد بن الحسن لزيد بن علي: اسكت يا بن السندية. فقال زيد: أف لخصومة تذكر فيها الأمهات، والله لا كلمتك بالفصيح من رأسي أبدا حتى أموت. وانصرف إلى أبي فقال: يا أخي حلفت بيمين ثقة بك، وعلمت أنك لا تكرهني، حلفت أن لا أكلم زيد بن الحسن ولا أخاصمه. وذكر ما كان بينهما. فأعفاه أبي، واغتنمها زيد بن الحسن وقال: يلي خصومتي محمد بن علي فأعنته وأؤذيه. فعدا على أبي فقال:
بيني وبينك القاضي. فقال: انطلق بنا.

(١) دلائل الإمامة: ص ١٠٤ - ١٠٩.
(٢) المناقب لابن شهرآشوب: ج 3 ص 334.
(3) الإرشاد: ص 280.
(٦٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 601 603 604 605 606 607 608 609 610 611 612 ... » »»