الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٦٠٦
لسانك لتعجل به) * (1) الذي لم يحرك به لسانه لغيرنا أمره الله تعالى أن يخصنا به من دون غيرنا، فكذلك كان يناجي أخاه عليا (عليه السلام) من دون أصحابه، وأنزل الله تعالى بذلك قرآنا في قوله: * (وتعيها اذن واعية) * (2) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأصحابه:
" سألت الله أن يجعلها اذنك يا علي " فلذلك قال علي (عليه السلام) بالكوفة: " علمني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ألف باب من العلم يفتح كل باب ألف باب " خصه به رسول الله (صلى الله عليه وآله) من مكنون سره كما خص الله نبيه (عليه السلام) وعلمه ما لم يخص به أحدا من قومه حتى صار إلينا، فتوارثناه من دون أهلنا.
فقال هشام: إن عليا كان يدري علم الغيب والله لم يطلع على غيبه أحدا، فمن أين ادعى ذلك؟ فقال أبي: إن الله جل ذكره أنزل على نبيه (صلى الله عليه وآله) كتابا بين فيه ما كان وما يكون إلى يوم القيامة في قوله: * (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) * (3) وفي قوله: * (وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) * (4) وفي قوله: * (ما فرطنا في الكتاب من شئ) * (5) وفي قوله: * (وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين) * (6) وأوحى الله إلى نبيه (عليه السلام) أن لا يبقى في عيبة سره ومكنون علمه شيئا إلا يناجي به عليا (عليه السلام)، فأمره أن يؤلف القرآن من بعده ويتولى غسله وتكفينه وتحنيطه من دون قومه، وقال لأصحابه: " حرام على أصحابي وقومي أن ينظروا إلى عورتي غير أخي علي فإنه مني وأنا منه، له ما لي وعليه ما علي، وهو قاضي ديني ومنجز موعدتي " ثم قال لأصحابه: " علي بن أبي طالب يقاتل على تأويل القرآن كما قاتل على تنزيله " ولم يكن عند أحد تأويل القرآن بكماله وتمامه إلا عند علي (عليه السلام)، ولذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أقضاكم علي " أي: هو قاضيكم، وقال عمر بن الخطاب: " لولا علي لهلك عمر " يشهد له عمر ويجحده غيره.

(٦٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 600 601 603 604 605 606 607 608 609 610 611 ... » »»