الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٥١٤
قال: وهم أن يكلمني إذ تنخع الدم، فدعا بطشت فحمل بين يديه وهو ملآن مما خرج من جوفه من الدم. فقلت له: ما هذا يا بن رسول الله إني أراك وجعا؟
قال: أجل دس علي هذا الطاغية من سقاني سما، وقد وقع على كبدي فهي تخرج قطعا كما ترى. فقلت: ألا تتداوى له؟ فقال: قد سقاني مرتين وهذه الثالثة لا أجد لها دواء، ولقد أومأ إلي أنه أرسل إلى ملك الروم يسأله أن يوجه له من السم القاتل شربة. فكتب إليه أنه لا يسوغ لنا في ديننا أن نعين على قتل من لا يقاتلنا. فكتب إليه: إن ابن الرجل الذي خرج بأرض تهامة قد خرج بطلب ملك أبيه وأنا أريد أن أدس عليه من يسقيه ذلك فأريح العباد والبلاد منه. ووجه إليه بهدايا وألطاف.
فوجه إليه ملك الروم بهذه الشربة التي دس بها فسقيتها (1).
وروي أن قثم بن عباس رضي الله عنهما وفد على معاوية فأطال عنده المكث، ثم دخل عليه يوما فرأى وجه معاوية يتهلل بالسرور والبشرى ووجوه أهله وهو ظاهر عليهم، فلما جلس ابن عباس رضي الله عنهما قال له معاوية:
أتدري يا بن عباس ما حدث في أهلك؟ قال: الله العالم غير أني أرى السرور في وجهك ووجوه جلسائك وأهلك، فما هو؟ فقال: مات الحسن بن علي فقال له ابن عباس: ما زاد ما نقص من أجله في عمرك، ولا سد حفرتك، ولقد رزيناه بأعظم رزية بالنبي (صلى الله عليه وآله) فما ضيعنا الله بعده، ووالله لا دخلت المدينة بعده أبدا. وقام فخرج كئيبا محزونا. ثم دخل بعد ذلك إلى معاوية فقال له: تدري ما حدث في أهلك. قال: الله أعلم.
$ الإمام المجتبى (عليه السلام) / زوجاته وولده قال: مات أسامة. فنهض من عنده وهو يقول:
أصبح اليوم ابن هند شامتا * يظهر الفرحة إذ مات الحسن لست بالباقي فلا تشمت به * كل حي للمنايا مرتهن سوف يبدو في الموازين غدا * منكم من فاز منها بالغين

(1) الاحتجاج: ص 291 - 292.
(٥١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 ... » »»