الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٥١٢
قال: فلما حضرته الوفاة قال (عليه السلام) لأخيه الحسين (عليهما السلام): إذا قضيت فغمضني، وغسلني، وكفني، واحملني على سريري إلى قبر جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأجدد به عهدا، ثم ردني إلى قبر جدتي فاطمة بنت أسد رحمة الله عليها فادفني هناك، وستعلم يا بن أم إن القوم يظنون أنكم تريدون دفني عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيجلبون في منعكم عن ذلك، وبالله اقسم عليك أن تهرق في أمري محجمة دم (1).
ثم وصى (عليه السلام) إليه بأهله وولده وتركاته وبما كان وصى به أمير المؤمنين (عليه السلام) حين استخلفه وأهله بالإمامة، ودل شيعته على استخلافه ونصبه لهم علما من بعده.
فلما مضى (عليه السلام) لسبيله غسله الحسين (عليه السلام) وكفنه وحمله على سريره ولم يشك مروان بن الحكم طريد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصحابه في أنه يريد دفنه عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فوافى مسرعا على بغلة حتى دخل على عائشة وقال لها: يا أم المؤمنين إن الحسين يريد أن يدفن أخاه الحسن عند قبر جده، ولئن دفنه عنده ليذهبن فخر أبيك وصاحبه إلى يوم القيامة. فقالت له: فما أصنع يا مروان؟ قال:
تلحقين به وتمنعينه من الدخول إليه. قالت: فكيف ألحقه؟ قال: هذا بغلي فاركبيه والحقي القوم. فنزل لها عن بغله وركبته وأسرعت إلى القوم، وكانت أول امرأة ركبت السرج هي، فلحقتهم وقد صاروا إلى حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فرمت بنفسها بين القوم والقبر وقالت: والله لا يدفن الحسن هاهنا أو يحلق هذه وأخرجت ناصيتها بيدها.
وكان مروان لما ركبت بغلته جمع كل من كان عنده من بني أمية وحشمهم وأقبل هو وأصحابه وهو يقول: يا رب هيجاء هي خير من دعة، أيدفن عثمان في أقصى البقيع ويدفن الحسن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والله لا يكون ذلك أبدا وأنا أحمل السلاح.
وكادت الفتنة تقع بين بني هاشم وبني أمية، وعائشة تقول: والله لا يدخل

(٥١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 ... » »»