الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٣٨٧
حرب، ولبا لمن تدبر، وفهما لمن فطن، ويقينا لمن عقل، وتبصرة لمن عزم، وآية لمن توسم، وعبرة لمن اتعظ، ونجاة لمن صدق، ومودة من الله لمن أصلح، وزلفا لمن ارتقب، وثقة لمن توكل، وراحة لمن فوض، وجنة لمن صبر. الحق سبيله، والهدى صفته، والحسنى مأثرته، فهو أبلج المنهاج، مشرق المنار، مضئ المصابيح، رفيع الغاية، يسير المضمار، جامع الحيلة، متنافس السبقة، كريم الفرسان. التصديق منهاجه، والصالحات مناره، والفقه مصابيحه، والموت غايته، والدنيا مضماره، والقيامة جلبته، والجنة سبقته، والنار نقمته، والتقوى عدته، والمحسنون فرسانه. فبالإيمان يستدل على الصالحات، وبالصالحات يعمر الفقه، وبالفقه يرهب الموت، وبالموت تختم الدنيا، وبالقيامة تزلف الجنة للمتقين وتبرز الجحيم للغاوين.
فالإيمان على أربع دعائم: الصبر، واليقين، والعدل، والجهاد. فالصبر من ذلك على أربع شعب: الشوق، والشفق، والزهادة، والترقب.
ألا من اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات، ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات. واليقين على أربع شعب: على تبصرة الفطنة، وتأول الحكمة، وموعظة العبرة، وسنة الأولين. فمن تبصر في الفطنة تبين الحكمة، ومن تبين الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة عرف السنة، ومن عرف السنة فكأنما كان في الأولين.
والعدل على أربع شعب: على غامض الفهم، وغمارة العلم، وزهرة الحكم، وروضة الحلم. فمن فهم نشر جميل العلم، ومن علم عرف شرائع الحكم، ومن عرف شرائع الحكم لم يضل، ومن حكم لم يفرط امره وعاش في الناس حميدا. والجهاد على أربع شعب: على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصدق في المواطن، وشنآن الفاسقين. فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف الكافر، ومن صدق في المواطن قضى ما عليه، ومن شنأ الفاسقين غضب لله، ومن غضب لله تعالى فهو مؤمن حقا. فهذه صفة الإيمان ودعائمه.
(٣٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 ... » »»