مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٨٧
شواغله (1) وتطهير باطنه (2) عن كدورات الدنيا ورفع الحجاب عن قلبه حتى يشاهده كأنه يراه، فإرادته بأن (3) يخص عبده بهذه الأحوال الشريفة هي محبته له فإن كانت إرادته لأن يخصه بما هو دون هذه الأحوال من الإنعام كإرادته أن يثيبه ويدفع عقابه عنه فتسمى هذه الإرادة لهذا المعنى القاصر عن المقام الأول رحمة فالمحبة أخص من الرحمة وكل واحد منهما إرادة الخير لكن يتفاوتان بتفاوت متعلق كل واحد منهما فهذا معنى محبة الله تعالى لعبده.
وأما محبة العبد لله تعالى فهو ميله إلى نيل هذا الكمال وإرادته درك هذه الفضائل. فتكون إضافة المحبة إلى الله تعالى واضافتها إلى العبد مختلفين نظرا إلى الاعتبارين المذكورين.
فإذا وضح معناهما فمن خصه الله تعالى بمحبته على ما تقدم من إرادته بقربه، وازلافه من مقر التقديس والتطهير وقطع شواغله عنه وتطهير قلبه من كدورات الدنيا ورفع الحجاب عن قلبه، فقد أحرز قصبات السابقين وارتدى بجلباب الفائزين المقربين، وهذه المحبة ثابتة لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) بتصريح رسول الله (ص) فإنه صح النقل في المسانيد الصحيحة والأخبار الصريحة مسندي البخاري ومسلم وغيرهما أنه (ص) قال يوم خيبر: (لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) فبات الناس

1 - في نسخة (م) زيادة: عنه.
2 - في نسخة (م): بدنه.
3 - في نسخة (م): كأن.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»