ذلك، وسمعوا قوله قال لهم كبيرهم: يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو سألوا الله تعالى أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى منكم على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة، فاقبلوا الجزية. فقبلوها وانصرفوا.
فقال رسول الله (ص): (والذي نفسي بيده إن العذاب قد تدلى على أهل نجران، ولو تلاعنوا لمسخوا قردة وخنازير، ولاضطرم الوادي عليهم نارا، ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على الشجر، ولما حال الحول على النصارى حتى هلكوا) (1).
فانظر بنور بصيرتك أمدك الله بهدايتها، إلى مدلول هذه الآية وترتيب مراتب عبارتها، وكيفية إشارتها على علو مقام فاطمة (عليها السلام) في منازل الشرف وسمو درجتها، وقد بين ذلك (عليه السلام) وجعلها بينه وبين علي تنبيها على سر الآية وحكمتها، فإن الله عز وجل جعلها مكتنفة من بين يديها ومن خلفها ليظهر بذلك الاعتناء بمكانتها، وحيث كان المراد من قوله تعالى * (وأنفسنا) * نفس علي (عليه السلام) مع النبي (ص) جعلها بينهما، إذ الحراسة بالإحاطة بالأنفس أبلغ منها بالأبناء في دلالتها.
وأما جعلهم أهل العبا فقد روى أئمة النقل والرواية فيما أسندوه، واستفاض عند ذوي العلم والدراية فيما أوردوه، ما صرح به الإمام الواحدي في كتابه المسمى بأسباب النزول، يرفعه بسنده إلى أم سلمة زوج النبي (ص) ذكرت: أن رسول الله (ص) كان في بيتها فأتته فاطمة (عليها السلام) ببرمة فيها حريرة فدخلت بها عليه فقال لها: (إدع لي زوجك وابنيك) قالت: فجاء علي والحسن والحسين فدخلوا