مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٣٠٠
وحسرة تضنيه، في موقف مهيل، ومشهد جليل، بين يدي ملك عظيم، بكل صغيرة وكبيرة عليم، فحينئذ يلجمه عرقه، ويحفزه قلقه، فعبرته غير مرحومة، وصرخته غير مسموعة، وبرزت صحيفته وتبينت جريرته فنظر في سوء عمله، وشهدت عينه بنظره، ويده ببطشه، ورجله بخطوه، وجلده بلمسه، وفرجه بمسه، وتهدده منكر ونكير، وكشف له حيث يصير، فسلسل جيده، وغلت يده، وسيق يسحب وحده، فورد جهنم بكرب شديد، وضل يعذب في (جهنم) (1) جحيم، ويسقى شربة من حميم، تشوي وجهه، وتسلخ جلده، يستغيث فيعرض عنه خزنة جهنم، ويستصرخ خفية بندم.
نعوذ برب قدير، من شر كل مصير، ونسأل عفو من رضى عنه، ومغفرة من قبل منه وهو ولي مسألتي، ومنجح طلبتي، فمن زحزح عن تعذيب ربه جعل في جنته بقربه، وخلد في قصور ونعمة وملك بحور عين وتقلب في نعيم، وسقي من تسنيم مختوم بمسك وعبير يشرب من خمر معذوذب شربه ليس تنزف لبه.
هذه منزلة من خشي ربه، وحذر نفسه وتلك عقوبة من عصى مشيئته، وسولت له نفسه معصيته، لهم قول فصل خير قصص قص ووعظ به ونص، * (تنزيل من حكيم حميد) * (2) (3).
فهذه خطبة أسجلها من علم بيانه المؤتلف، وارتجلها لوقته عرية عن الألف، وجعلها عنوان علمه المتنوع، وفضله المختلف، تشهد أن العناية الربانية مرت له اخلاف العلوم والآداب، واستخرجت بمخضها له من زبد الأوطاب، وأنزلت

١ - ليس في (م).
٢ - فصلت ٤١: ٤٢.
٣ - شرح نهج البلاغة ١٩: ١٤٠.
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»