فنطق الغلام عليه السلام بلسان عربي فصيح فقال: " أنا بقية الله في أرضه، والمنتقم من أعدائه، فلا تطلب أثرا بعد عين يا أحمد بن إسحاق ".
قال أحمد: فخرجت مسرورا فرحا، فلما كان من الغد عدت إليه فقلت له: يا ابن رسول الله، لقد عظم سروري بما مننت علي، فما السنة الجارية فيه من الخضر وذي القرنين؟
فقال: " طول الغيبة يا أحمد ".
فقلت له: يا ابن رسول الله، وإن غيبته لتطول؟
قال: " إي وربي، حتى يرجع عن هذا الامر أكثر القائلين به، فلا يبقى الا من أخذ الله عهده بولايتنا، وكتب في قلبه الايمان، وأيده بروح منه.
يا أحمد بن إسحاق، هذا أمر من الله، وسر من سر الله، وغيب من غيب الله، فخذ ما آتيتك واكتمه، وكن من الشاكرين، تكن معنا غدا في عليين " (1).
ويؤيد هذا الخبر ما رواه محمد بن مسعود العياشي، عن محمد بن نصير، عن محمد بن عيسى، عن حماد بن عيسى، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " إن ذا القرنين كان عبدا صالحا جعله الله حجة على عباده، فدعا قومه إلى الله عز وجل، وأمرهم بتقواه، فضربوه على قرنه، فغاب عنهم زمانا حتى قيل: مات أو هلك، باي واد سلك. ثم ظهر ورجع إلى قومه، فضربوه على قرنه الاخر، وفيكم من هو على سنته، وإن الله عز وجل مكن لذي القرنين في الأرض، وجعل له من كل شئ سببا، وبلغ المشرق والمغرب، وان الله تعالى سيجري سنته في القائم من ولدي،