مشتركان في أن لكل منها داعيا وعليه باعثا، وإن لم يكن مشتركا في تناول المحبة، فجعل اشتراكهما في دواعي المحبة اشتراكا في المحبة نفسها، وأجرى اللفظ على ذلك.
فإن قيل: كيف يقول وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن واكن من الجاهلين؟ وعندكم أن امتناع القبيح منه (ع) ليس مشروط بارتفاع الكيد عنه بل هو ممتنع منه وإن وقع الكيد.
قلنا أنما أراد يوسف (ع) إنك متى لم تلطف بي لما تدعوني إلى مجانبة الفاحشة وتثبتني على تركها صبوت، وهذا منه انقطاع إلى الله تعالى وتسليم لأمره، وأنه لولا معونته ولطفه ما نجي من الكيد، والكلام وإن تعلق في الظاهر بالكيد نفسه فقال (ع) (وإلا تصرف عني كيدهن) فالمراد به إلا تصرف عني ضرر كيدهن لأنهن إنما أجرين بالكيد إلى مساعدته لهن على المعصية، فإذا عصم منها ولطف له في الانصراف عنها كان الكيد مصروفا عنه من حيث لم يقع ضرره، وما أجري به إليه، ولهذا يقال لمن أجرى بكلامه إلى غرض لم يقع ما قلت شيئا. ولمن فعل ما لا تأثير له: ما فعلت شيئا. وهذا بين والحمد الله تعالى.
تنزيه يوسف (ع) عن التعويل على غير الله:
(مسألة): فإن قيل: كيف يجوز على يوسف عليه السلام وهو نبي مرسل أن يعول في إخراجه من السجن على غير الله تعالى ويتخذ سواه وكيلا في ذلك، في قوله للذي كان معه: (أذكرني عند ربك) حتى وردت الروايات إن سبب طول حبسه (ع) إنما كان لأنه عول على غير الله تعالى؟.
(الجواب): قلنا: إن سجنه (ع) إذا كان قبيحا ومنكرا فعليه أن يتوصل إلى إزالته بكل وجه وسبب، ويتشبث إليه بكل ما يظن أنه يزيله عنه، ويجمع فيه بين الأسباب المختلفة، فلا يمتنع على هذا أن يضم إلى دعائه