الله تعالى ورغبته إليه في خلاصه من السجن أن يقول لبعض من يظن أنه سيؤدي قوله: (أذكرني ونبه على خلاصي) وإنما القبيح أن يدع التوكل ويقتصر على غيره فإما أن يجمع بين التوكل والأخذ بالحزم فهو الصواب الذي يقتضيه الدين والعقل. ويمكن أيضا أن يكون الله تعالى أوحى إليه بذلك وأمره بأن يقول للرجل ما قاله.
تنزيه يوسف عن إلحاق الأذى بأبيه:
(مسألة): فإن قيل: فما الوجه في طلب يوسف (ع) أخاه من إخوته ثم حبسه له عن الرجوع إلى أبيه مع علمه بما يلحقه عليه من الحزن، وهل هذا إلا إضرارا به وبأبيه؟.
(الجواب): قلنا: الوجه في ذلك ظاهر لأن يوسف (ع) لم يفعل ذلك إلا بوحي من الله إليه، وذلك امتحان منه لنبيه يعقوب عليه السلام وابتلاء لصبره، وتعريض للعالي من منزلة الثواب، ونظير لك امتحانه له (ع) بأن صرف عنه خبر يوسف (ع) طول تلك المدة حتى ذهب بالبكاء عليه، وإنما أمرهم يوسف (ع) بأن يلطفوا بأبيهم في إرساله من غير أن يكذبوه ويخدعوه.
فإن قيل: أليس قد قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون، والمراودة هي الخداع والمكر.
قلنا: ليس المراودة ما ظننتم، بل هي التلطف والتسبب والاحتيال، وقد يكون ذلك من جهة الصدق والكذب جميعا، فإنما أمرهم بفعله على أحسن الوجوه فإن خالفوه فلا لوم إلا عليهم.
تنزيه يوسف عن الكذب وتهمة إخوته:
(مسألة): فإن قيل: فما معنى جعل السقاية في رحل أخيه وذلك