تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١٤٤
إطلاق اللفظة في العرف لا يقتضيه. وعلى من سأل عن ذلك مثله إذا قيل له كيف يسمي كل من قبل معصية بأنه ظالم؟ وإنما الظلم المعروف هو الضرر المحض الموصل إلى الغير؟ فإذا قالوا إن في المعصية معنى الظلم وإن لم يكن ضررا يوصل إلى الغير من حيث نقصت ثواب فاعلها.
قلنا: وهذا المعنى يصح في الندب، على أن يجري ما يستحق من الثواب مجرى المستحق، وبعد فإن أبا علي الجبائي وكل من وافقه في الامتناع من القول بالموازنة في الاحباط لا يمكنه أن يجيب بهذا الجواب، فعلى أي وجه يا ليت شعري يجعل معصية يونس (ع) ظلما. وليس فيها من معنى الظلم شئ.
وأما قوله تعالى: ﴿فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت﴾ (1) فليس على ما ظنه الجهال من أنه (ع) ثقل عليه أعباء النبوة لضيق خلقه. فقذفها، وإنما الصحيح أن يونس لم يقو على الصبر على تلك المحنة التي ابتلاه الله تعالى بها وعرضه لنزولها به لغاية الثواب فشكى إلى الله تعالى منها وسأله الفرج والخلاص، ولو صبر لكان أفضل. فأراد الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله أفضل المنازل وأعلاها.

(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست