من الكافرين لنعمتي، فإن فرعون كان المربي لموسى (ع) إلى أن كبر وبلغ، ألا ترى إلى قوله تعالى حكاية عنه: (ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين) (1).
وأما قول موسى (ع) (فعلتها إذا وأنا من الضالين)، فإنما أراد به الذاهبين عن أن الوكزة تأتي على النفس، أو أن المدافعة تفضي إلى القتل.
وقد يسمى الذاهب عن الشئ أنه ضال ويجوز أيضا أن يريد أنني ضللت عن فعل المندوب إليه من الكف عن القتل في تلك الحال والفوز بمنزلة الثواب.
بين خيفة موسى والوجه فيها:
(مسألة): فإن قيل: كيف جاز لموسى عليه السلام وقد قال تعالى:
(أن ائت القوم الظالمين) أن يقول في الجواب (إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون) (2) وهذا استعفاء عن الرسالة.
(الجواب): أن ذلك ليس باستعفاء كما تضمنه السؤال، بل كان (ع) قد أذن له في أن يسأل ضم أخيه في الرسالة إليه قبل هذا الوقت، وضمنت له الإجابة، ألا ترى إلى قوله تعالى (وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نار فقال لأهله امكثوا) إلى قوله (واجعل لي وزيرا من أهلي هارون) (3) فأجابه الله تعالى إلى مسألته بقوله (فقد أوتيت سؤلك يا موسى). وهذا يدل على أن ثقته بالإجابة إلى مسألته التي قد تقدمت، وكان مأذونا له فيها. فقال: (إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق