وذهاب المعتزلة في ذلك إلى تصحيح مذهبهم بقولهم إن المراد بقوله تعالى بيدي القدرة والقوة. وذهاب قوم آخرين إلى أن ذلك يريد به النعمة والمنة، وذهاب المجبرة على أصنافها في تصحيح مذهبهم، إلى أن المراد بذلك اليد التي هي أحد أجزاء البدن وأبعاضه.
وكان كل أقاويلهم حقا لا ينكر، لان قولنا قد يؤدي من المعاني ما أورده (1) كل فريق من الأمة، واحتجت به. وكان في كونه مقدرا على ما يؤول منه بحسب مراد المؤول مشابها للثوب الذي هو مقدر على ما يقع الفصل منه من فاصله بحسب هواه، فواحد أن يرى أن يقطع منه قميصا لحاجته إليه وكان ذلك ممكنا، وآخر يريد أن يقطع منه سراويلا لحاجته إليه، وكان ذلك ممكنا، وآخر يريد أن يقطع منه صدرة وجوريا، أو قباء لحاجته إليه، وكان ذلك كله ممكنا، وكالنار أيضا فواحد له مسرجه وفتيله يشعل فيها وواحد له شمع يشعل فيه، وواحد له حطب يشعل فيه، وكان ذلك لا يخلو من ثلاثة أوجه:
إما أن يكون جميع المعاني التي يؤديها ظاهر اللفظ مما جاء به النبي صلى الله عليه وآله رشادا، وهو واجب معرفته على وجهه.
وإما أن يكون المقصود من المعاني الكثيرة التي تؤديها (2) اللفظة الواحدة معنى واحدا واثنتين، وباقيها ضلال وواجب معرفته ليتجنب. وإما أن يكون جمع المعاني التي يوجبها ظاهر اللفظة كلها ضلالا (3). يؤديها اللفظ الواحد معنى واحد واثنين، فالحكمة تقتضي أن يكون موجودا بين الأمة من يعلمهم الفرض المقصود والمعنى الذي