يكون لامره للسموات والأرض وجوانبهما له معنى تحقيق قول الله تعالى، ويقبله العقل في الحكمة، وذلك المعنى الذي نسميه التأويل.
إذا التأويل واجب.
البرهان الخامس: لما قال الله تعالى: * (إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام) * (1).
وكان معلوما أن رجز الشيطان هو الكفر، والشك، الشبهة، والنفاق، والجهل، والضلال، وما يجري مجرى ذلك الذي يكون في القلوب، والأوهام، والنفوس، وكان إذا كان رجز الشيطان في القلوب والأوهام، فغير متوهم أن يطهرها الماء النازل من السماء المحسوس المشروب، لامتناع الامر في ذلك.
وكان لو كان الماء الذي ذكره هو الماء الطبيعي، كان كل واحد طاهرا من مؤمن وكافر، وجب أن يكون لهذا الماء معنى لولاه لكان من الله مستحيلا أن يقول شيئا هو بخلافه، وذلك المعنى نسميه تأويلا، وتفسيرا، وشرحا، وباطنا. إذا التأويل لذلك، ولما كان مثله واجب.
البرهان السادس: لما أوجب الله تعالى التأويل لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى آله، بقوله تعالى: * (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وآخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا..) * الآية (2).