* (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) * (1). وقوله: * (إني جزيتهم اليوم بما صبروا إنهم هم الفائزون) * (2). وجب أن يكون للأنفس جزاء. إذا الجزاء واجب ثابت.
البرهان الثامن: لما كان العدل يقتضي أن يكون الجزاء بعد الاستحقاق خيرا كان أم شرا. وكان الاستحقاق لا يقع إلا بالعمل، وجب أن يكون العمل متقدما على الجزاء.
وإذا وجب أن يكون العمل متقدما على الجزاء، وكان البشر في الدنيا رهين العمل، كان من ذلك العلم بأن الدنيا دار العمل، وإذا كانت الدنيا دار العمل لم تكن بدار الجزاء، فإذا الدنيا ليست بدار للجزاء (3)، فاعلم.
البرهان التاسع:: لما كان الجزاء لا يكون إلا بسابق الاكتساب، وكان الاكتساب ما ان يكون بالعمل أو بالفكر، وكان لا سبيل للنفس إلى الاكتساب بالعمل إلا من جهة الأشخاص وأبعاضها، ولا إلى اكتساب بفكر واعتقاد إلا من جهة التعاليم وموضوعاتها.
وكانت الأشخاص والتعاليم لا تكون إلا في الدنيا، كان من ذلك العلم بأن الدنيا دار الاكتساب، وإذا كانت دار الاكتساب " فإذا الدنيا ليست " (3) بدار الجزاء. فاعرفه.