علي بن أبي طالب (عليه السلام) حتى وقف بين الصفين وقد أحاطت بالهودج بنو ضبة، فنادى: أين طلحة وأين الزبير، فبرز له الزبير، فخرجا حتى التقا بين الصفين فقال: يا زبير ما الذي حملك على هذا؟ قال: الطلب بدم عثمان.
فقال (عليه السلام): قاتل الله أولانا بدم عثمان، أما تذكر يوما كنا في بني بياضة فاستقبلنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متكئ عليه فضحكت إليك وضحكت إلي فقلت: يا رسول الله إن عليا لا يبركه زهو. فقال (صلى الله عليه وآله): " ما به زهو ولكنك لتقاتله يوما وأنت له ظالم ".
قال: نعم، ولكن كيف أرجع الآن؟ إنه لهو العار. قال: ارجع بالعار قبل أن يجتمع عليك العار والنار. قال: كيف أدخل النار وقد شهد لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالجنة.
قال: متى؟
قال: سمعت سعيد بن زيد يحدث عثمان بن عفان في خلافته أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: عشرة في الجنة. قال: ومن العشرة؟ قال: أنا حتى عد تسعة، قال: فمن العاشر؟ قال: أنت. قال: أما أنت فقد شهدت لي بالجنة، وأما أنا فلك ولأصحابك من الجاحدين، ولقد حدثني حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إن سبعة ممن ذكرتهم في تابوت من نار في أسفل درك الجحيم، على ذلك التابوت صخرة إذا أراد الله عز وجل عذاب أهل الجحيم رفعت تلك الصخرة.
قال: فرجع الزبير وهو يقول:
نادى علي بصوت لست أجهله * قد كان عمر أبيك الحق من حين فقلت حسبك من لومي أبا حسن * فبعض ما قلته ذا اليوم يكفيني فاخترت عارا على نار مؤججة * أنا بقوم لها خلو من الطين فاليوم أرجع من غي إلى رشد * ومن مغالطة البغضان إلى اللين ثم حمل علي (عليه السلام) على بني ضبة، فما رأيتهم إلا كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، ثم أخذت المرأة فحملت إلى قصر بني حلف، فدخل علي والحسن