فضائل أمير المؤمنين (ع) - ابن عقدة الكوفي - الصفحة ١١١
وجعل كفه تحت الصحفة وشالها إلى منكبه، وجعل يجري بها كما ينحدر سحاب في صبب فوضع الصحفة بين أيدي المنافقين، وكشف الغطاء عنها، والصحفة على حالها لم ينقص منها ولا خردلة واحدة، ببركة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما نظر المنافقون إلى ذلك قال بعضهم لبعض، وأقبل الأصاغر على الأكابر وقالوا: لا جزيتم عنا خيرا، أنتم صددتمونا عن الهدى بعد إذ جاءنا، تصدونا عن دين محمد، ولا بيان أوثق مما رأينا، ولا شرح أوضح مما سمعنا؟ وأنكر الأكابر على الأصاغر، فقالوا لهم: لا تعجبوا من هذا، فإن هذا قليل من سحر محمد. فلما سمع النبي (صلى الله عليه وآله) مقالتهم حزن حزنا شديدا، ثم أقبل عليهم فقال: " كلوا، لا أشبع الله بطونكم ". فكان الرجل منهم يلتقم اللقمة من الصحفة ويهوي بها إلى فيه، فيلوكها لوكا شديدا يمينا وشمالا، حتى إذا هم ببلعها خرجت اللقمة من فيه كأنها حجر.
فلما طال ذلك عليهم ضجوا بالبكاء والنحيب، وقالوا: يا محمد. قال النبي (صلى الله عليه وآله): يا محمد! قالوا: يا أبا القاسم. قال النبي (صلى الله عليه وآله): يا أبا القاسم! قالوا: يا رسول الله. قال النبي (صلى الله عليه وآله): لبيكم. وكان (صلى الله عليه وآله) إذا نودي باسمه يا أحمد يا محمد، أجاب بهما، وإذا نودي بكنيته، أجاب بها، وإذا نودي بالرسالة والنبوة أجاب بالتلبية. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " ما الذي تريدون؟ ". قالوا: يا محمد، التوبة التوبة، ما نعود - يا محمد - في نفاقنا أبدا. فقام النبي (صلى الله عليه وآله) على قدميه، ورفع يديه إلى السماء، ونادى: " اللهم إن كانوا صادقين فتب عليهم، وإلا فأرني فيهم آية لا تكون مسخا ولا قردا ". لأنه رحيم بأمته.
قال: فما أشبه ذلك اليوم إلا بيوم القيامة، كما قال الله عز وجل: * (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) * (1) فأما من آمن بالنبي (صلى الله عليه وآله) فصار وجهه كالشمس عند

(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الاهداء 5
2 المقدمة 9
3 الفصل الأول: في أبناء أبي طالب 11
4 الفصل الثاني: في ألقاب علي بن أبي طالب (عليه السلام) 13
5 1 - أمير المؤمنين 13
6 2 - وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أمير المؤمنين، قائد الغر المحجلين، إمام المتقين 14
7 3 - سيد المسلمين، إمام المتقين، قائد الغر المحجلين، يعسوب المؤمنين 17
8 4 - الصديق الأكبر 17
9 5 - أول من آمن برسول الله (صلى الله عليه وآله)، أول من يصافحه يوم القيامة، الصديق الأكبر، الفاروق يفرق بين الحق والباطل، يعسوب المؤمنين 19
10 6 - أمير المؤمنين، سيد العرب 20
11 الفصل الثالث: في أنه (عليه السلام) أول من أسلم 21
12 الفصل الرابع: في حب النبي (صلى الله عليه وآله) إياه وتحريضه على محبته ونهيه عن بغضه وأذاه 27
13 1 - في أنه (عليه السلام) أحب الرجال إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) 27
14 2 - في تحريض النبي (صلى الله عليه وآله) على محبته ونهيه عن بغضه 28
15 3 - في سبه 33
16 4 - في حساده 34
17 الفصل الخامس: في إيمانه (عليه السلام) 37
18 الفصل السادس: في عدله (عليه السلام) وأمانته 39
19 الفصل السابع: في علمه (عليه السلام) 43
20 1 - قوله (صلى الله عليه وآله): أنا مدينة الحكمة وعلي بابها 43
21 2 - في أنه (عليه السلام) أعلم الصحابة 44
22 3 - في أنه (عليه السلام) أقضى الصحابة 49
23 الفصل الثامن: في أنه (عليه السلام) أقرب الناس من رسول الله (صلى الله عليه وآله) والخليفة بعده 51
24 1 - قوله (صلى الله عليه وآله): علي أخي، وزيري، وصيي 51
25 2 - قوله (صلى الله عليه وآله): علي خير البشر 53
26 3 - قوله (صلى الله عليه وآله): علي طاعته طاعتي ومعصيته معصيتي 54
27 4 - قوله (صلى الله عليه وآله): علي مني وأنا منه وهو وليكم بعدي 55
28 5 - حديث المنزلة 56
29 6 - ما أخبر به رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السلام) بما يجري عليه وما جرى عليه 59
30 الفصل التاسع: اختصاصه (عليه السلام) بنجوى النبي (صلى الله عليه وآله) 71
31 الفصل العاشر: حديث الطير 73
32 الفصل الحادي عشر: حديث رد الشمس 75
33 الفصل الثاني عشر: في أن حقه (عليه السلام) على المسلمين كحق الوالد على ولده 77
34 الفصل الثالث عشر: جهاده (عليه السلام) زمن الدعوة 79
35 1 - وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) في جهاده 79
36 2 - يوم الخندق 79
37 3 - فتح خيبر 80
38 الفصل الرابع عشر: جهاده (عليه السلام) بعد زمن الدعوة 83
39 1 - قتاله (عليه السلام) الناكثين والقاسطين والمارقين 83
40 2 - حرب الجمل 86
41 3 - حرب صفين 95
42 الفصل الخامس عشر: منزلته (عليه السلام) في الآخرة 99
43 الفصل السادس عشر: زواجه (عليه السلام) بفاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) 105
44 الفصل السابع عشر: في أقواله (عليه السلام) 113
45 1 - وصاياه ومواعظه (عليه السلام) 113
46 2 - خطبه (عليه السلام) 121
47 3 - وصفه (عليه السلام) النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) 123
48 4 - إخباره (عليه السلام) بالمغيبات والفتن 124
49 الفصل الثامن عشر: في شهادته (عليه السلام) 131
50 الفصل التاسع عشر: في موضع قبره (عليه السلام) وزيارته 137
51 1 - تعيين موضع قبره (عليه السلام) 137
52 2 - زيارته (عليه السلام) 141
53 الفصل العشرون: في الإمامة 145
54 1 - ان الأرض لا تخلو من إمام 145
55 2 - وجوب معرفة الإمام ووجوب ولايته 146
56 3 - ان الأئمة (عليهم السلام) هم الهداة إلى الله تعالى 149
57 4 - فيمن أنكر إمامة أحد الأئمة (عليهم السلام) 150
58 5 - النص على الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) وأنهم من قريش 151
59 الفصل الحادي والعشرون: في أهل البيت (عليهم السلام) 171
60 1 - حبهم وبغضهم (عليهم السلام) 171
61 2 - منزلتهم (عليهم السلام) في الدنيا 174
62 3 - منزلتهم (عليهم السلام) في الآخرة 174
63 الفصل الثاني والعشرون: في الآيات النازلة في أمير المؤمنين (عليه السلام) وأهل البيت (عليهم السلام) 177