علي أتاه أناس من قريش فقالوا: إنك زوجت عليا بمهر قليل! فقال: " ما أنا زوجت عليا، ولكن الله زوجه ليلة أسري بي إلى السماء، فصرت عند سدرة المنتهى، أوحى الله إلى السدرة أن انثري ما عليك، فنثرت الدر والجوهر والمرجان، فابتدر الحور العين فالتقطن، فهن يتهادينه ويتفاخرن به، ويقلن: هذا من نثار فاطمة بنت محمد ". فلما كانت ليلة الزفاف، أتى النبي ببغلته الشهباء، وثنى عليها قطيفة، وقال لفاطمة: اركبي. وأمر سلمان أن يقودها، والنبي يسوقها، فبينا هم في بعض الطريق إذ سمع النبي وجبة، فإذا هو بجبرئيل في سبعين ألفا من الملائكة، وميكائيل في سبعين ألفا، فقال النبي: ما أهبطكم إلى الأرض؟! قالوا: جئنا نزف فاطمة إلى زوجها علي بن أبي طالب. فكبر جبرئيل وميكائيل، وكبرت الملائكة، وكبر رسول الله، فوقع التكبير على العرائس من تلك الليلة.
قال علي (عليه السلام): ثم دخل إلى منزله، فدخلت إليه، ودنوت منه، فوضع كف فاطمة الطيبة في كفي وقال: ادخلا المنزل، ولا تحدثا أمرا حتى آتيكما.
قال علي: فدخلت أنا وهي المنزل، فما كان إلا أن دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبيده مصباح، فوضعه في ناحية المنزل، ثم قال: " يا علي، خذ في ذلك القعب ماء من تلك الشكوة ". قال: ففعلت، ثم أتيته به، فتفل فيه (صلى الله عليه وآله) تفلات، ثم ناولني القعب، فقال: اشرب، فشربت، ثم رددته إلى رسول الله، فناوله فاطمة، ثم قال:
اشربي حبيبتي، فجرعت منه ثلاث جرعات، ثم ردته إلى أبيها، فأخذ ما بقي من الماء، فنضحه على صدري وصدرها، ثم قال: * (إنما يريد الله ليذهب) * إلى آخر الآية. ثم رفع يديه وقال: " يا رب، إنك لم تبعث نبيا إلا وقد جعلت له عترة، اللهم فاجعل عترتي الهادية من علي وفاطمة ". ثم خرج.
قال علي: فبت بليلة لم يبت أحد من العرب بمثلها، فلما أن كان في آخر