فإذا جبريل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل فوقفت أنظر اليه وشغلني عن ذلك وعما أريد فوقفت ما أقدر على أن أتقدم ولا أتأخر ولا أصرف وجهي في ناحية من السماء الا رأيته فيها فما زلت واقفا ما أتقدم ولا أتأخر حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي حتى بلغوا مكة ورجعوا فلم أزل كذلك حتى كاد النهار يتحول ثم انصرف عني وانصرفت راجعا إلى أهلي حتى أتيت خديجة فجلست إلى فخذها مضيفا إليها فقالت يا أبا القاسم أين كنت فوالله لقد بعثت رسلي في طلبك حتى بلغوا مكة ورجعوا فقلت لها ان الأبعد لشاعر أو مجنون فقالت أعيذك بالله يا أبا القاسم من ذلك ما كان الله عز وجل ليفعل بك ذلك مع ما أعلم من صدق حديثك وعظم أمانتك وحسن خلقك وصلة رحمك وما ذاك يا بن عم لعلك رأيت شيئا أو سمعته فأخبرتها الخبر فقالت أبشر يا بن عم وأثبت له فوالذي تحلف به اني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ثم قامت فجمعت ثيابها عليها ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل وهو ابن عمها وكان قد قرأ الكتب وكان قد تنصر وسمع من التواره والإنجيل فأخبرته الخبر وقصت عليه ما قص عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى وسمع فقال ورقة قدوس قدوس والذي نفس ورقة بيده لئن كنت صدقتني يا خديجة انه لنبي هذه الأمة وانه ليأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى عليه السلام فقولي له فليثبت ورجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ما قال لها ورقة فسهل ذلك عليه بعض ما هو فيه من الهم بما جاءه فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره صنع كما كان يصنع بدأ بالكعبة فطاف بها فلقيه ورقة وهو يطوف بالكعبة فقال يا ابن أخ أخبرني بالذي رأيت وسمعت فقص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره فقالت ورقة والذي نفس ورقة بيده انه ليأتيك الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى عليه السلام وانك لنبي هذه الأمة ولتوذين ولتكذبن ولتقاتلن ولتنصرن ولئن أنا أدركت ذلك لأنصرنك نصرا يعلمه الله
(١٠٢)