فارس من هؤلاء الثلاثة فقال أبو سفيان يا ابطال مكة ان هذه غنمة فكمنوا في الطريق إلى أن يأتي إلينا ونعدمه السعادة والتوفيق وقد اتفقوا على مثل ذلك وجدوا في السير إلى أن كمنوا في الطريق هذا ما كان من أمر العباس فإنه قد بلغه ذلك الخبر فخاف على ولد أخيه كرم الله وجهه ان يغدر فنادى عبده زيدا وقال له يا زيدان هؤلاء الثلاثة لا بد ساروا إلى ابن أخي وانهم الان شياطين العرب واني أخاف ان يقتلوه فاركب حصاني الأدهم وأسبقهما والتقي به وقل له يأخذ حذره منهم ملاعين وأنت حر لوجه الله فركب العبد جواد سيده وجد في السير حتى لحق الامام عليا وتمثل بين يديه وأثنى عليه فقال له الامام من أنت فقال انا عبد عمك العباس أرسلني إليك شفقة منه عليك واني أحذرك من الثلاثة فوارس القادمين عليك وهم من سفهاء مكة فلما سمع الإمام علي ذلك الكلام شكره وقال يا زيد اجلس بنا هنا فجلسوا لأجل ان يتحدثوا فما استقر الجلوس حتى سمعوا حوافر الخيل وهي مقبلة قال الراوي فقال الإمام علي رضي الله عنه وكرم وجهه يا زيد اجلس ها هنا مكانك وانظر ما افعل بهؤلاء الكلاب الملاعين ببركة سيد الأولين والآخرين ثم إن الامام نزع ما كان عليه من الثياب وقد اخذ سيفه بيده وأسرع في مشيه وسار قليلا واتى إليهم وكان ذلك في الليل فلما نظروا إليه بهتوا له وأوقع الله الرعب في قلوبهم وظنوا انه غول اتى إليهم في البرية ثم انه تركهم وطلع على ربوة عالية وجلس عليها وصار يا خذ الحصي ويرميهم به ويعفر هم بالرماد قال عبدا اللات والعزى قوموا إلى هذا الغول واعلنوا إليه بالسيوف عسى ان يهرب في الفلوات لأنه أشغلنا عن الزاد فقال صارم انا أقوم إليه وفي الحال نهض قائما وصار إلى أن قرب منه وقد زاد رعبه وارتعدت فرائضه وولى هربا إلى قومه وقال لهم ما هذه الفعال القباح اما تعلمون اني ما خرجت معكم إلى قتال السباع والغيلان بل خرجت إلى الإمام علي قال فلما سمعوا منه قالوا له اجلس مكانك ونحن نمضي إليه ونهض مقاتل بعده وسار إلى الامام لي وامتشق سيفه بيده ورفعها وأراد ان يضرب الإمام علي فوثب الامام وثبة الأسد وقبض عليه من منكبيه ورفعه على كلتا يديه حتى كان انه الحق بالسماء من سرعة ما خطفه
(١٤)