رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ٧٤
وشتى ألوان سلوكه، بل حتى في مشيته (1)، وإذا كان الإمام (ع) قد عاش ست سنوات في أحضان والديه وإخوته فقد كان لرسول الله (ص) الدور البارز لرعايته وصقله طوال تلك السنوات الندية من عمره (ع).
الإرهاصات التي أحسها قلب علي (ع) وروحه الطاهرة.
أخرج البيهقي في دلائل النبوة عن علي (ع) ما يجسد هذه الحقيقة، حيث قال (ع): كنا مع رسول الله (ص) بمكة، فخرج في بعض نواحيها، فما استقبله شجر، ولا خيل إلا قال له: السلام عليك يا رسول الله (2).
عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) قال: كان علي (ع) يرى مع النبي (ص) قبل الرسالة الضوء، ويسمع الصوت (3).
إن هذا الإحساس العلوي المميز بعمق التحولات الغيبية التي تجري لرسول الله (ص)، تكشف عن كيان روحي خاص لا يختص به غير الأنبياء (ع)، إلا أن ختم النبوة بمحمد (ص) اقتضى أن يكون علي (ع) وزيرا للنبوة.
ذكر أصحاب السنن بأسانيدهم عن النبي (ص) مخاطبا عليا (ع).: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي (4)، وحين سأل علي (ع) رسول الله (ص) عن رنة الشيطان ، أجابه النبي (ص): إنك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى، إلا أنك لست بنبي، ولكنك وزير، وإنك لعلى خير (5).
وحين تلقى الرسول (ص) بيان التكليف الإلهي بحمل الرسالة، عاد إلى بيته فأطلع عليا (ع) على أمره، فاستقبله (ع) بالتصديق واليقين، كذلك فعلت خديجة الكبرى فانبثقت من أجل ذلك أول نواة لمجتمع المتقين في الأرض (6).
وحين بلغ رسول الله (ص) بأمر التكليف الإلهي لحمل الدعوة المباركة، بلغ كذلك، أن تنصب دعوته أولا على الخاصة من أهل بيته.
وقد أشار ابن هشام في سيرته لذلك بقوله: فجعل رسول الله (ص) يذكر ما أنعم الله به

١ - علي بن أبي طالب لعبد الفتاح مقصود ج ١ ص ٣٩.
٢ - كشف الغمة للإربلي ج ١ ص ٨٦، نقلا عن البيهقي في دلائل النبوة.
٣ - شرح النهج لابن أبي الحديد ج ٤ ص ٣١٥.
٤ - المناقب للخوارزمي ص ٢٧ - ٣٧، وذخائر العقبى للطبري ص ٦٣.
٥ - نهج البلاغة / الخطية القاصعة.
٦ - المستدرك ج ٣ ص ١٣٦، والتاريخ الكبير للخطيب البغدادي ج 2 ص 81، وحلية الأولياء ج 1 ص 66.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»