رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ١٢٦
وإليك ممن نعى الامام في المدينة حين مقتله (ع):
عن سلمى، قالت: دخلت على أم سلمة تبكي فقلت: ما يبكيك؟ قالت: رأيت رسول الله (ص) - تعني في المنام - وعلى رأسه ولحيته التراب، فقلت: مالك يا رسول الله؟ قال: شهدت قتل الحسين آنفا (1).
وقال اليعقوبي: وكانت أول صارخة صرخت في المدينة أم سلمة زوج رسول الله] ص [، كان دفع إليها قارورة فيها تربة وقال لها: إن جبريل أعلمني أن أمتي تقتل الحسين و أعطاني هذه التربة، وقال لي: إذا صارت دما عبيطا فاعلمي أن الحسين قد قتل، و كانت عندها، فلما حضر ذلك الوقت جعلت تنظر إلى القارورة في كل ساعة، فلما رأتها قد صارت دما، صاحت وا حسيناه! يا بن رسول الله! وتصارخت النساء في كل ناحية: حتى ارتفعت المدينة بالرجة التي ما سمع بمثلها قط (2).
وفي مسند أحمد عن عمار ابن أبي عمار عن ابن عباس قال: رأيت رسول الله (ص) في المنام نصف النهار أشعب أغبر، معه قارورة فيها دم، فقلت بأبي وأمي يا رسول الله ما هذا؟
قال: هذا دم الحسين وأصحابه لم أزل التقطه منذ اليوم، قال عمار: فأحصينا ذلك اليوم فوجدناه قد قتل فيه (3).
بعض آثار مقتله (ع):
أ - قال ابن كثير: لما قتل ابن زياد الحسين (ع) ومن معه، وبعث برؤوسهم إلى يزيد، سر بقتلهم أولا، وحسنت بذلك منزلة ابن زياد عنده، ثم لم يلبث إلا قليلا حتى ندم و قال: بغضني بقتله إلى المسلمين، وزرع في قلوبهم العداوة، فأبغضني البر والفاجر (4)، وكذلك يظهر ندم ابن زياد وعمر بن سعد وسائر قتلة آل رسول الله (ص)، كما جاء في كتب التاريخ وقد أعرضنا عن نقلها.
ب - إن غايتنا من إيراد خبر مقتل الإمام الحسين (ع) ليس في استقصاء تحقيق حوادثه أو بيان زمانه ومكانه، بل توخينا آثار مقتله على الاسلام والمسلمين، سيما الثورات المستمرة ضد حكم آل أمية، وإليكم بعضها:.
1 - قال المسعودي: لما شمل الناس جور يزيد وعماله، وعمهم ظلمه وما ظهر من فسقه بقتله ابن بنت رسول الله (ص) وأنصاره، وما أظهر من شرب الخمور، وسيره بسيرة

١ - من سنن الترمذي ج ١٣ ص ١٩٣ و ١٩٤، ومستدرك الحاكم ج ٤ ص ١٩، وسير النبلاء ج ٣ ص ٢١٣، والرياض النضرة ص ١٤٨، وتاريخ ابن الأثير ج ٣ ص ٣٨، وابن كثير ج ٨ ص ٢٠١، و تاريخ السيوطي ص ٢٠٨.
٢ - تاريخ اليعقوبي ج ١ ص ٢٤٧ و 248.
3 - مسند أحمد ج 1 ص 242 و 282، وفضائل أحمد / 20 و 22 و 26 و، المعجم للطبراني ح 56، ومستدرك الحاكم ج 4 ص 398، وقال: على شرط صحيح مسلم و، سير النبلاء ج 3 ص 323، و الرياض النضرة ص 148.
4 - ابن كثير ج 8 ص 232، وتاريخ الاسلام للذهبي ج 2 ص 351، وغيرهما.
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»