التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ٣٧
بعد مصرع عثمان، الذي أخفق في تحمل مسؤوليات الحكم بعد خليفة قوي هو عمر بن الخطاب، شغر مركز الحكم مرة أخرى، وعادت الأزمة من جديد تفجر صراعات وتثير تناقضات لا حد لها، وهي أزمة فاقت كثيرا في خطورتها وأبعادها الأزمة الأولى التي انتهت في السقيفة. ذلك أن مقتل الخليفة في أعقاب ثورة دموية قام بها الجند العرب في الأمصار، لم يكن حدثا عاديا يمكن أن يمر دون أن يخلف رواسب ستصبح متأصلة في جسم الدولة الناشئة، فتهدد وحدتها بين الحين والآخر، فهو حدث ترك تأثيره العميق على مجرى التاريخ الاسلامي كله، وجعل للسيف الكلمة الفاصلة في أمور الحكم (1). ولعل ما ينسب إلى عثمان بعد اشتداد وطأة المحاصرين على داره يعبر عن هذه الحقيقة حين قال: فوالله لئن قتلوني لا

(1) فلهوزن: تاريخ الدولة العربية، 50.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»