ومع امتداد الأيام واتساع رقعة الدولة وبروز مشاكل جديدة أصبح الناس أكثر قبولا لاعطاء الخليفة صلاحيات أوسع في التشريع، ويبدو أن عمر كان متنبها لذلك، فأخذ يبحث عن قاعدة يرتكز إليها في المستقبل، غير أن اغتياله المفاجئ جاء ليمنعه من اتمام هذا الامر. وبينما هو على فراش الموت يعاني من آلام جراحه، لم يشغله ذلك عن هاجس الحكم ومستقبل زمام السلطة في الدولة الاسلامية الناشئة. نظر عمر حوله، فرأى ستة من أصحاب النبي كل واحد منهم يمثل فرعا بارزا من أسرة الزعامة القرشية. وكان أبرز هؤلاء الستة، علي بن أبي طالب ممثل بني هاشم، أسرة النبي، آل البيت في الاسلام، وأبرز أسر الزعامة قبل الاسلام من جهة، ومن جهة ثانية عثمان بن عفان ممثل أسرة بني أمية، أسرة المال والزعامة الأولى قبل الاسلام، والتي تسلم العديد من أفرادها أخطر مناصب الولايات بعد فتح مكة وأيام الفتوح زمن أبي بكر وعمر نفسه. ويبدو أن هذا الأخير رأى في تعيين علي مقدمة لقيام حكم الأسرة المقدسة، ورأى في تعيين عثمان تمهيدا لتمكين بني أمية من التسلط الكلي على الدولة وتسييرها بعقلية الأرستقراطية التجارية المؤثرة.
لهذا آثر عمر عدم تحمل مثل هذه المسؤولية فتكون آخر أعماله وأخطرها، فكان أن ترك هذا الامر للستة الباقين من أصحاب النبي، ليقوموا باختيار أحدهم خليفة.