وتوفي عمر، واجتمع هؤلاء فوضحت منذ البداية معالم الصراع، حيث أعلن أربعة من المرشحين عزفهم عن ترشيح أنفسهم مع احتفاظهم بحق التصويت. وبذلك انحصرت المعركة بين علي وعثمان، وأوكلت الأمور إلى عبد الرحمن بن عوف لاختيار واحد منهما. وقام هذا الأخير باستطلاع آراء الناس، فكان أن واجه تيارين: أحدهما مل قسوة نظام عمر ورقابته المركزية الشديدة وعدم تساهله، ورأى في استلام علي للحكم استمرارا، لا بل تطويرا لنظام الخليفة السابق، وتطبيقا أشد لقوانين الاسلام. ذلك أن عليا كان ابن الاسلام وربيب البيت النبوي وعارفا بأمور الدين وعلومه أكثر من سواه، فقد شرب من ينابيعه الأولى منذ البداية وحتى نهاية حياة النبي بلا انقطاع أو توقف، كما رأى اتباع هذا التيار ان في استلام علي للسلطة انتصارا دائما للتيار الهاشمي الذي انتصر بنجاح النبي وطعن يوم السقيفة. ولقد كان اتباع هذا التيار أقل قوة من التيار الآخر، غير أنه كان أكثر مرونة وأوسع دهاء وأقل مثالية وأبرع في اعداد الانقلابات وخلق المواقف المحرجة (1).
(٣٠)