التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ٢٤
حاكمها يملك الحق في التشريع وفي نفس الوقت يقع عليه واجب تنفيذ الاحكام. ولم يكن تطبيق هذا والقبول به من قبل العرب من الأمور السهلة، لكن النبي نجح إلى أبعد الحدود في ارساء قواعد لحكم الأمة الجديدة التي أقامها وان كان لم يأت بنظرية للحكم ذات أسس ومنطلقات ثابتة.
هذا وقد تناول بعض الناس هذه القضية حيث يرون بأن النبي قد أتى بنظرية خاصة في الحكم والسياسة، هي نظرية الشورى، معتمدين على ما جاء في القرآن الكريم وأمرهم شورى بينهم أو وشاورهم بالأمر. ومع الاقرار بما ترمي اليه هذه الآيات، فان القرآن لم يبين قواعد الشورى هذه وحدودها وطرق تطبيقها، كما لم يبين إلى أي حد كان على النبي الاخذ برأي أصحابه وأتباعه. وعندما يعود المرء إلى كتب السيرة يجد أن مفهوم هذه القضية لم يكن واضحا عند أحد من الصحابة، كما لم تتوضح معالمه في الممارسات زمن النبي.
لقد ملك النبي وحده جميع فروع السلطة من تشريع وقضاء وإدارة وجباية وأعمال حربية، وذلك بالإضافة إلى صفته الأساسية وهي النبوة. وهكذا امتزجت مفاهيم السلطات الزمنية بمفاهيم السلطات الدينية في الاسلام، وصار كل أمر في الدولة العربية الناشئة مزدوج الصفات
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»