الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ٥٥
الأزلي. الخالق أم المادة؟
إذا كان لا مناص من افتراض أزلية هذا الخالق، فلماذا لا نؤمن بأزلية هذا الكون؟
وهذا الكلام لا معنى له، لأننا لم نعثر على صفات للكون، اية كانت، تثبت انه خالق نفسه، ولقد كان لهذا الاستدلال حسنه ورواؤه حتى القرن التاسع عشر، ولكنا اليوم، وبعد كشف القانون الثاني للحرارة الديناميكية Second Law of Thermo Dynamics نجد ان هذا الاستدلال فقد كل أساس كان يقوم عليه وهذا القانون الذي نسميه قانون الطاقة المتاحة أو ضابط التغير Law of Entropy يثبت انه لا يمكن ان يكون وجود الكون أزليا، فهو يصف لنا ان الحرارة تنتقل دائما من (وجود حراري) إلى (عدم حراري)، والعكس غير ممكن، وهو ان تنتقل هذه الحرارة من (وجود حراري قليل) أو (وجود حراري عدم) إلى (وجود حراري أكثر). فان ضابط التغير هو التناسب بين الطاقة المتاحة والطاقة غير المتاحة.
وبناء على هذا الكشف العلمي الهام فان عدم كفاءة عمل الكون يزداد يوما بعد يوم، ولا بد من وقت تتساوى فيه حرارة جميع الموجودات، وحينذاك لا تبقى اية طاقة مفيدة (للحياة والعمل)، وسيترتب على ذلك أن تنتهي العمليات الكيماوية والطبيعية، وتنتهي تلقائيا - مع هذه النتيجة الحياة.
* * * وانطلاقا من هذه الحقيقة القائلة بان العمليات الكيماوية والطبيعية جارية، وان الحياة قائمة، يثبت لدينا قطعا ان الكون ليس بازلي، إذ لو كان الكون أزليا لكان من اللازم ان يفقد طاقته منذ زمن بعيد، بناء على هذا القانون، ولما بقي في الكون بصيص من الحياة. يذكر هذا التحقيق العلمي الحديث عالم أمريكي في علم الحيوان، هو الأستاذ (ادوارد لوثر كسيل) فيقول:
وهكذا أثبتت البحوث العلمية دون قصد ان لهذا الكون بداية فأثبتت تلقائيا وجود الاله، لان كل شئ ذي بداية لا يمكن ان يبتدئ بذاته، ولا بد ان يحتاج إلى المحرك الأول الخالق الاله (1).
وقد قال نفس الكلام السير جيمس: تؤمن العلوم الحديثة بان (عملية تغير الحرارة) Entropy سوف تستمر حتى تنتهي طاقاتها كلية، ولم تصل هذه العملية حتى الآن إلى آخر درجاتها، لأنه لو حدث شئ مثل هذا لما كنا الآن موجودين على ظهر الأرض، حتى نفكر

(1) The Evidence of God, p. 51.
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»