والأساس الثالث: لقضية معارضي الدين هو: (التاريخ). يقولون: ان القضايا الدينية وجدت لأسباب تاريخية أحاطت بالإنسان، فلم يكن في استطاعته ان يفلت من السهول والأعاصير والطوفانات والزلازل والأمراض، فأوجد (قوى فرضية) يستغيثها، لتنقذه من البلايا النازلة. وهكذا ظهرت الحاجة إلى شئ يجتمع الناس حوله، ولا يتفرقون، فاستغل اسم (الاله) الذي تفوق قوته قوة الانسان، ويهرع الجميع إلى رضاه).
يقول محرر دائرة معارف العلوم الاجتماعية تحت اسم الدين وبجانب المؤثرات الأخرى التي ساعدت في خلق الدين، فان اسهام الأحوال السياسية والمدنية عظيم جدا في هذا المجال.، ان الأسماء الإلهية وصفاتها خرجت من الأحوال التي كانت تسود على ظهر الأرض. فعقيدة كون الإله الملك الأكبر صورة أخرى للملكية الانسانية، كذلك الملكية السماوية صورة طبق الأصل للملكية الأرضية. وكان الملك الأرضي القاضي الأكبر، فأصبح الاله يحمل هذه الصفات، ولقب بالقاضي الأكبر الأخير، الذي يجازي الانسان على الخير والشر من اعماله. وهذه العقيدة القضائية التي تؤمن بكون الاله محاسبا ومجازيا لا توجد في اليهودية فحسب، وانما لها مقامها الأساسي في العقائد الدينية. المسيحية والاسلامية (1).
* * * لقد خلق العقل الانساني الدين، وتم خلقه، في حالة جهل الانسان وعجزه عن مواجهة القوى الخارجية. ويضيف جوليان هكسلي إلى هذا قوله:
فالدين نتيجة لتعامل خاص بين الانسان وبيئته (2). ويقول أيضا:
ان هذه البيئة قد فات أوانها أو كاد. وقد كانت هي المسؤولة عن هذا التعامل، فاما بعد فنائها وانتهاء التعامل معها فلا داعي للدين، ويضيف لقد انتهت العقيدة الإلهية إلى آخر نقطة تفيدنا وهي لا تستطيع ان تقبل الآن أية تطورات: لقد اخترع الانسان قوة ما وراء الطبيعة لتحمل عبء الدين، جاء بالسحر، ثم بالعمليات الروحية.، ثم بالعقيدة الإلهية، حتى اخترع فكرة (الاله الواحد). وقد وصل الدين بهذه التطورات إلى آخر مراحل حياته.، ولا شك ان هذه العقائد كانت في وقت ما جزءا مفيدا من حضارتنا، بيد ان هذه الاجزاء قد فقدت اليوم ضرورتها، ومدى افادتها للمجتمع الحاضر المتطور (3).
* * *