الأولى: المرحلة اللاهوتية (Theological Stage) وهي التي فسرت الاحداث فيها باسم الاله.
والثانية: المرحلة الميتافيزيقية: وفيها فسر الانسان الاحداث باسم عناصر خارجية، لا يعلمها، ولكنه لا يذكر اسم الاله.
والثالثة: المرحلة الوضعية (Positive Stage)، التي اخذ الانسان يفسر فيها الاحداث باعتبارها عناصر خاضعة لقوانين عامة، يمكن ادراكها بالمطالعة، أو بالمشاهدة العلمية. وفي هذه المرحلة لا تذكر الأرواح والآلهة والقوى المطلقة. ونحن، وبناء على هذا، نعيش في المرحلة الثالثة التي تسمى في الفلسفة الحديثة بالوضعية المنطقية (Logical Positivism). ان نظرية الوضعية المنطقية أو التجريبية العلمية (Scientific Empricism) لم تعرف كحركة علمية عالمية الا خلا ل العقد الرابع من القرن الحاضر، ولكنها. كفكرة، نشأت قبل ذلك بسنين طويلة. وعلى ظهر هذه الفكرة نجد أسماء كبار العلماء والفلاسفة من أمثال: هيوم، وميل. إلى برتراندرسل. وقد أصبحت هذه الفكرة اليوم، بفضل العدد الكبير من المؤسسات العلمية التي تقوم بدور فعال في الدعاية لها،. من أهم الحركات العلمية الحديثة. ويقول أحد الباحثين:
كل معرفة حقة مرتبطة بالتجارب. بحيث يمكن فحصها أو اثباتها. بصورة مباشرة أو غير مباشرة (1). وبناء على هذا يدعي معارضو الدين ان التطور الذي بلغ به الانسان اليوم أعلى مستوى من الانسانية، هو نفي للدين من تلقاء نفسه.. والسر في ذلك أن الأفكار المتطورة الحديثة تؤكد ان الحقيقة ليست الا ما يمكن فحصه وتجربته علميا. وقد قام الدين على حقيقة لا سبيل إلى مشاهدتها وفحصها علميا وبعبارة أخرى: ان التفسير اللاهوتي للأحداث والوقائع لا يمكن اثباته بالوسائل العلمية، فهو باطل لا حقيقة له.
ويترتب على هذا القول بان: الدين تفسير زائف لوقائع حقيقية، ذلك أن علم الانسان القديم المحدود لم يقدم التفسير الحقيقي للأحداث.، على حين ان القانون العام للتطور أتاح لنا ان نبحث عن الحقائق بالوسائل التجريبية الصحيحة.
ويمكن ان نقول هذا الكلام بأسلوب آخر: ان موقف علماء الأديان القديمة أشبه برجل يكتب شيكا لا رصيد له في المصرف، فهم قد صاغوا عبارات ليس وراءها حقائق علمية، وعبارة (الحقيقة العليا غير المتغيرة) صحيحة نحوا، ولكن ليس لها أي أساس علمي (2).