يؤيدها. وعلى العكس من ذلك، فان جميع هذه الاقتباسات قد استعملت توضيحا لدليل أو قضية، فقد يعبر المؤلف عن قضية معينة بألفاظه تارة، وقد يستعير ألفاظ الآخرين حتى يتبين الموضوع، تارة أخرى.
والاتجاهات التي تمثلها هذه الاقتباسات ليست بآراء ذاتية لأصحابها، وانما هي كشوف علمية، يمنحها الملحدون معاني مختلفة. اما نحن فقد جمعناها حين شعرنا انها في صالح الدين. واما الاقتباسات التي تؤيد الدين صراحة، فأكثرها لعلماء يدينون بالمسيحية، ولا عجب، فهم يشاركوننا في كثير من العقائد السماوية.
* * * وواضح من عنوان الكتاب، انه يهدف إلى اثبات أحقية الدين امام الفكر المادي الجديد.
وهذا الاثبات يتخذ لنفسه أسلوبين، أولهما: ان نستدل بان الدين ليس (ماديا)، بل فوق المادة، وبناء على ذلك ليس للعلوم المادية ان تعترض طريق الدين. وقد أصبح هذا الاستدلال في غاية القوة، حيث إن العلماء قد اعترفوا في هذا القرن: (بان العلوم المادية لا تعطي الا علما جزئيا عن الحقائق). ومغزاه انه، بناء على اعتراف هذه العلوم نفسها، هناك حقائق أخرى، لا تستطيع العلوم المادية الوصول إليها، ومنها حقائق الدين. ويعتبر كتاب (ج. و. ن. سوليفان) خير محاولة في هذا الموضوع، وسوف نستعرضه في الباب السابع من هذا الكتاب.
واما الطريقة الأخرى لاثبات حقائق الدين، فهي اتباع نفس الطرق العلمية التي يتبعها العلماء الملحدون لاثبات معتقداتهم. وقد ركز المؤلف أهمية أكثر على هذا الجانب..
فهو يرى أنه لا بد من اتباع نفس أساليب الاستدلال التي يستغلها الملحدون.، حتى يمكن اثبات حقية الدين.
* * * وهناك ناحية أخرى لا بد من توضيحها هي ان الأسلوب الذي سلكه الكتاب قد يكون غريبا على بعض الأذهان، من علماء الدين. وإذا كان الامر كذلك، فاني أقول: انه لا بد من مراعاة حقيقة، هي ان هذا الكتاب لا يستهدف تفسير الدين، بل هو وليد ضرورة كلامية، فالأسلوب الذي يسلك عند تفسير الدين امام أصحاب الفطر الدينية المؤمنة، غير الأسلوب الذي يستخدم عندما يكون الحاضرون ممن يزعمون أن الدين خدعة وأضحوكة وتخدير للشعوب، فكلما أردنا مواجهة الأسئلة التي تثار ضد الدين، كان لا بد من تغيير لهجتنا ولغتنا، بتلك التي يستغلها الأعداء، حتى نستطيع ان نقف اما العواصف. وعلينا الا ننسى ان طريقة