عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٥٣٠
وسرعة استعداد الخصم ومدافع الأبراج الداخلة لا تصيب الشلنبات الصغيرة المتسفلة وهم لايخطؤن ثم هم في شدة الغارة والحرب إذا قيل للحاكم بأن عساكره الأتراك تركوا المحاربة واشتغلوا بنهب البلدة واحراق الدور فقط في يده واحتار في امره ما بين قتال العدو الواصل أو قتال عسكره ومنعهم وكفهم عن النهب والاحراق والفساد وهذا شأنهم فلم يسعه الا خفض الاعلام وطلب الأمان من الانكليز فعند ذلك ابطلوا الحرب وكفوا عن الضراب وترددوا في الصلح على شرائطهم التي منها تسليم بواقي الاسرى واسترداد المال الذي سلموه في الفداء السابق حالا من غير مهلة فكان ذلك وتسلموا الاسرى وفيهم من كان صغيرا واسلم وقرا القرآن واتفقوا على المتاركة والمهلة زمنا مقداره ستة اشهر ورجعوا إلى بلادهم بالظفر والاسرى والامر لله وحده ثم إن الجزائرلية اجتهدوا في تعمير ما تهدم وتخرب من السور والأبراج والجامع في الحرب وكذلك ما اخربه عساكرهم الذين هم اعدى من الأعداء واضر ما يكون على الاسلام وأهله وصارت الاخبار بذلك في الآفاق وأمدهم سلطان المغرب مولاي سليمان وبعث إليهم مراكب عوضا عن الذي تلف من مراكبهم فأرسل إليهم معمرين وأدوات ولوازم عمارات وكذلك حاكم تونس وغيرها ومن السلطان العثماني أيضا ولم يتفق فيما نعلم لأهل الجزائر مثل هذه الحادثة الهائلة ولا أشنع منها وكانت هذه الواقعة غرة شهر شوال من السنة وهو يوم عيد الفطر وكان عيدا عليهم في غاية الشناعة ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم واما من مات في هذه السنة ممن له ذكر مات الشيخ الفهامة والنحرير العلامة الفقيه النحوي الأصولي إبراهيم البسيوني البجيرمي الشيخ الصالح المقتصد الورع الزاهد حضر جل الأشياخ المتقدمين وهو في عداد الطبقة الأولى ودرس وأفاد وانتفع به الطلبة بل غالب الناس كان طارحا للتكلف متقشفا مع التواضع والانكسار
(٥٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 535 ... » »»