عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٤١٧
إلى الحجاز حضر الكثير من أهالي الصعيد يشكون ما نزل بهم ويستغيثون ويتشفعون بوجهاء المشايخ وغيرهم فإذا خوطب الباشا في شئ من ذلك يعتذر بأنه مشغول البال واهتمامه بالسفر وانه أناط امر الجهة القبلية واحكامها وتعلقاتها بإبنه إبراهيم باشا وان الدولة قلدته ولاية الصعيد فأنا لا علاقة لي بذلك وإذا خوطب ابنه أجابهم بعد المحاججة بما تقدم ذكره ونحو ذلك وذا قيل له هذا على مسجد فيقول كشفت على المساجد فوجدتها خرابا والنظار عليها يأكلون الايراد والخزينه أولى منهم ويكفيهم اني أسامحهم فيما اكلوه في السنين الماضية والذي وجدته عامرا أطلقت له ما يكفيه وزيادة واني وجدت لبعض المساجد اطيانا واسعة وهي خراب ومعطلة والمسجد يكفيه مؤذن واحد واجرته نصفان وامام مثل ذلك واما فرشه واسراجه فإني أرتب له راتبا من الديوان في كل سنة فإذا تكرر عليه الرجاء أحال الامر على أبيه ولا يمكن العود اليه لحركاته وتنقلاته وكثرة اشغاله وزوغانه ولما زاد الحال بكثرة المكتشين والواردين وبرزالباشا للسفر بل وسافر بالفعل فلم يمكث بعده ابنه الا أياما قليلة يبيت بالجيزة ليلة وعند أخيه ببولاق ليلة أخرى ثم سافر راجعا إلى الصعيد يتمم ما بقي عليه لأهله من العذاب الشديد فإنه فعل بهم فعل التتار عندما جالوا بالأقطار وأذل أعزة أهله وأساء لسوء معهم في فعله فيسلب نعهم وأموالهم ويأخذ ابقارهم وأغنامهم ويحاسبهم على ما كان في تصرفهم واستهلكوه أو يحتج عليهم بذنب لم يقترفوه ثم يفرض عليهم المغارم الهائلة والمقادير من الأموال التي ليست أيديهم إليها طائلة ويلزمهم بتحصيلها وغلاقها وتعجيلها فتعجز أيديهم عن الاتمام فعند ذلك يجري عليهم أنواع الآلام من الضرب والتعليق والكي بالنار والتحريق فإنه بلغني والعهدة على الناقل انه ربط الرجل ممدودا على خشبة طويله وامسك بطرفيها الرجال وجعلوا يقلبونه على النار المضرمة مثل الكباب وليس ذلك ببعيد على شاب جاهل سنه دون العشرين عاما وحضر من بلده ولم ير غير ما هو فيه لم يؤدبه
(٤١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 ... » »»