عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ١٧٠
إلى ثغر الإسكندرية وطلعوا اليه فبلغهم عند ذلك موت المذكور فلم يسهل بهم الرجوع فأرسلوا رسلهم إلى الجماعة المصريين ظانين أن فيهم اثر الهمة والنخوة يطلبونهم للحضور ويساعدهم الانكليز على ردهم لمملكتهم وأوطانهم وكان محمد علي باشا حين ذاك بناحية قبلي يحاربهم فطلبهم للصلح معه وارسل إليهم بعض فقهاء الأزهر وخادعهم وثبطهم فقعدوا عن الحركة وجرى ما جرى على طائفة الانكليز كما سيتلى عليك خبره ثم عليهم بعد ذلك وكان امر الله مفعولا وكان للمترجم ولوع ورغبة في مطالعة الكتب خصوصا العلوم الغريبة مثل الجفريات والجغرافيا والأسطر نوميا والاحكام النجومية والمناظرات الفلكية وما تدل عليه من الحوادث الكونية ويعرف أيضا مواضع المنازل واسماءها وطبائعها والخمسة المتحيرة وحركات الثوابت ومواقعها كل ذلك بالنظر والمشاهدة والتلقي على طريقة العرب من غير مطالعة في كتب ولا حضور درس وإذا طالع أحد بحضرته في كتاب أو اسمعه ناضلة مناضلة متضلع وناقشه مناقشة متطلع وله أيضا معرفة بالاشكال الرملية واستخراجات الضمائر بالقواعد الحرفية وكان له في ذلك إصابات ومنها ما أخبرني به بعض اتباعه انه لما وصل إلى ثغر سكندرية راجعا من بلاد الانكليز رسم شكلا وتأمل فيه وقطب وجهه ثم قال إني أرى حادثا في طريقنا وربما اني افترق منكم واغيب عنكم نحو أربعين يوما فلذلك أحب أن يخفي امره ويأتي على حين غفلة وكان البرديسي قد أقام بالثغر رقيبا يوصل خبر وروده فلما وصل ارسل ذلك الرقيب ساعيا في الحال وكان ما ذكرناه في سياق التاريخ من غدرهم وقتلهم حسين بك أبو شاش بالبر الغربي وهروب بشتك بك من القصر وارسال العسكر لملاقاة المترجم على حين غفلة ليقتلوه وهروبه واختفاؤه ثم ظهوره واجتماعهم عليه بعد انقضاء تلك المدة أو قريب منها وكان رحمه الله إذا سمع بانسان فيه معرفة بمثل هذه الأشياء احضره ومارسه فيها فإن رأى فيه فائدة أو مزية أكرمه وواساه وصاحبه
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»