عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ١٦٥
للبلدة عصيان ومخالفة ولم يكن فيهم مكافأة لمقاومته ساعدناهم بجيش من النظام الجديد وغيره حتى أنهم متنافرون ومتحاسدون ومبغضون فلا خير فيهم وصاحبك هذا لا يكفي في المقاومة وحده ويحتاج إلى كثير ولما ظهر لسليمان أغا الغيظ والتغير من القبودان خاف على نفسه أن يبطش به وعرف منه أن المانع له من ذلك غياب السلحدار عند المترجم لأنه قال له وأين سلحداري قال هو عند الألفي بالبحيرة فقال اذهب فأتني به واحضر صحبته وكان موسى باشا المتولي قد حضر أيضا فما صدق سليمان أغا بقوله ذلك وخلاصه من بين يديه فركب في الوقت وخرج من الإسكندرية فما هو الا أن بعد عنها مقدار غلوة الا والسلحدار قادم إلى الإسكندرية فسأله إلى اين يذهب فقال أن مخدومك ارسلني في شغل وها انا راجع إليكم وذهب عند المترجم ولم يرجع وفي أثناء هذه الأيام كان المترجم يحارب دمنهور وبعث اليه محمد علي باشا التجريدة العظيمة التي بذل فيها جهده وفيها جميع عساكر الدلاة وهاهر باشا ومن معه من عساكر الأرنؤد والأتراك وعسكر المحاربه فحاربهم وكسرهم وهزمهم شر هزيمة حتى ألقوا بأنفسهم في البحر ورجعوا في أسوأ حال فلو تجاسر المترجم وتبعهم لهرب الباقون من البلدة وخرجوا جميعا على وجوههم من شدة ما داخلهم من الرعب ولكن لم يرد الله ذلك ولم يجسروا للخروج عليه بعد ذلك ولما تنحت عنه عشيرته ولم يلبوا دعوته واتلفوا الطبخة وسافر القبودان وموسى باشا من ثغر الإسكندرية على الصورة المذكورة استأنف المترجم امرا اخر وراسل الانكليز يلتمس منهم المساعدة وان يرسلوا له طائفة من جنودهم ليقوى بهم على محاربة الخصم كما التمس منهم في العام الماضي فاعتذروا له بأنهم صلح مع العثماني وليس في قانون الممالك إذا كانوا صلحا أن يتعدوا على المتصادقين معهم ولا يوجهون نحوها عساكر الا بأذن منهم أو بإلتماس المساعدة في امر مهم فغاية ما يكون المكالمة والرتجي ففعلوا وحصل ما تقدم
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»