الجموع منها فيضطرني الحال إلى التعدي على عباد الله واخذ أموالهم واكل مزارعهم ومواشيهم فان قدر الله لي بالظفر عوضت عليهم ذلك ورفقت بحالهم وان كانت الأخرى فالله يلطف بنا وبهم ولا بد أن يترجموا علينا ويسترضوا عن ظلمنا وجورنا بالنسبة لما يحل بهم بعدنا وبالجملة فكان آخر من أدركنا من الامراء المصريين شهامة وصرامة ونظرا في عواقب الأمور وكان وحيدا في نفسه فريدا في أبناء جنسه وبموته اضمحلت دولتهم وتفرقت جمعيتهم وانكسرت شوكتهم وزادت نفرتهم وما زالوا في نقص وادبار وذلة وهوان وصغار ولم تقم لهم بعده راية وانفرضوا وطردوا إلى أقصى البلاد في النهاية واما مماليكه وصناجقه فإنهم تركوا نصيحته ونسوا وصيته وانضموا إلى عدوهم وصادقوه ولم يزل بهم حتى قتلهم وأبادهم عن آخرهم كما سيتلى عليك خبر ذلك فيما بعد وكانت صفة المترجم معتدل القامة ابيض اللون مشربا بحمرة جميل الصورة مدور اللحية أشقر الشعر وقد خطه الشيب مليح العينين مقرون الحاجبين معجبا بنفسه مترفها في زيه وملبسه كثير الفكر كتوما لايبيح بسر ولا لاعز أحبابه الا انه لم يسعفه الدهر وجنى عليه بالقهر وخاب امله وانقضى اجله وخانه الزمان وذهب في خبر كان ومات وله من العمر نحو الخمسة والخمسين سنة غفر الله له ومات الأمير عثمان بك البرديسي المرادي وسمى البرديسي لأنه تولى كشوفيه برديس بقبلي فعرف بذلك واشتهر به تقلد الامرية والصنجقية في سنة عشر ومائتين والف وتزوج ببنت احمد كتخدا علي وهي أخت علي كاشف الشرقية وعمل لها مهما وذلك قبل أن يتقلد الصنجقية وسكن بدار علي كتخدا الطويل بالازبكية واشتهر ذكره وصار معدودا من جملة الامراء ولما قتل عثمان بك البرديسي المرادي بساحل أبو قير ورجع من رجع إلى قبلي كان الألفي إلى بلاد الانكليز تعين المترجم بالرياسة على خشدشنية
(١٧٣)