عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ١٥٤
ان نعدي بأجمعنا إلى بر الجيزة وننصب خيامنا هناك ونجعل الانكليز واسطة بيننا وبين الوزير والقبطان وتتمم الشروط التي نرتاح نحن وهم عليها بكفالة الانكليز ولا نرجع إلى البر الشرقي ولا ندخل مصر حتى يخرجوا منها ويرجعوا إلى بلادهم ويبقى منهم من يبقى مثل من يقلدونه الولاية والدفتردارية ونحو ذلك وكان ذلك هو الرأي ووافق عليه البعض ولم يوافق البعض الآخر وقال كيف ننابذهم ولم يظهر لنا منهم خيانة ونذهب إلى الانكليز وهم أعداء الدين فيحكم العلماء بردتنا وخيانتنا لدولة الاسلام على أنهم أن قصدوا بنا شيئا قمنا بأجمعنا عليهم وفينا ولله الحمد الكفاية وعند ذلك تتوسط بيننا وبينهم الانكليز فنكون لنا المندوحة والعذر فقال المترجم اما الاستنكاف من الالتجاء للانكليز فان القوم لم يستنكفوا من ذلك واستعانوا بهم ولولا مساعدتهم لما أدركوا هذا المحصول ولا قدروا على اخراج الفرنساوية من البلاد وقد شاهدنا ما حصل في العام الماضي لما حضروا بدون الانكليز على أن هذا قياس مع الفارق فإن تلك مساعدة حرب واما هذه فهي وساطة مصلحة لاغير واما انتظار حصول المنابذة فقد لا يمكن التدارك بعد الوقوع لأمور والرأي لكم فسكتوا وتفرقوا على كتمان ما دار بينهم ولما لم يوافقوا المترجم على ما أشار به عليهم اخذ يدبر في خلاص نفسه فانضم إلى محمود أفندي رئيس الكتاب لقربه من الوزير وقبوله عنده واوهمه النصيحة للوزير بتحصيل مقادير عظيمة من الأموال من جهة الصعيد أن قلده الوزير امارة الصعيد فإنه يجمع له أموالا جمة من تركات الأغنياء الذين ماتوا بالطاعون في العام الماضي وخلافة ولم يكن لهم ورثة وغير ذلك من الجهات التي لا يحيط بها خلافه والمال والغلال الميرية فلما عرف الرئيس الوزير بذلك لم يكن بأسرع من اجابته لوجهين الأول طمعا في تحصيل المال والثاني لتفريق جمعهم فإنهم كانوا يحسبون حسابه دون باقي الجماعة لكثرة جيشه وشدة احترازه فإنه كان إذا ذهب عند الوزير لا يذهب في الغالب الا وحوله جميع جنوده
(١٥٤)
مفاتيح البحث: الحرب (1)، الجماعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»