عجائب الآثار - الجبرتي - ج ١ - الصفحة ٨٥
لهم الواعظ فاخذوا يسألون عن المانع من حضوره فقال بعضهم أظن ان القاضي منعه من الوعظ فقام رجل منهم وقال أيها الناس من أراد ان ينصر الحق فليقم معي فتبعه الجم الغفير فمضى بهم إلى مجلس القاضي فلما رآهم القاضي ومن في المحكمة طارت عقولهم من الخوف وفر من بها من الشهود ولم يبق الا القاضي فدخلوا عليه وقالوا له اين شيخنا فقال لا أدري فقالوا له قم واركب معنا إلى الديوان ونكلم الباشا في هذا الامر ونسأله ان يحضر لنا اخصامنا الذين افتوا بقتل شيخنا ونتباحث معهم فان اثبتوا دعواهم نجوا من أيدينا والا قتلناهم فركب القاضي معهم مكرها وتبعوه من خلفه وامامه إلى أن طلعوا إلى الديوان فسأله الباشا عن سبب حضوره في غير وقته فقال انظر إلى هؤلاء الذين ملأوا الديوان والحوش فهم الذين اتوا بي وعرفه قصتهم وما وقع منهم بالأمس واليوم وانهم ضربوا الترجمان واخذوا مني حجة قهرا واتوا اليوم واركبوني قهرا فأرسل الباشا إلى كتخدا الينكجرية وكتخدا العزب وقال لهما اسألوا هؤلاء عن مرادهم فقالوا نريد احضار النفراوي والخليفي ليبحثا مع شيخنا فيما افتيا به عليه فأعطاهم الباشا بيورلديا على مرادهم ونزلوا إلى المؤيد واتوا بالواعظ وأصعدوه إلى الكرسي فصار يعظهم ويحرضهم على اجتماعهم في غد بالمؤيد ويذهبون بجمعيتهم إلى القاضي وحضهم على الانتصار للدين وقمع الدجالين وافترقوا على ذلك واما الباشا فإنه لما أعطاهم البيورلدي ارسل بيورلديا إلى إبراهيم بك وقيطاس بك بعرفهم ما حصل وما فعله العامة من سوء الأدب وقصدهم تحريك الفتن وتحقيرنا نحن والقاضي وقد عزمت انا والقاضي على السفر من البلد فلما قرأ الامراء ذلك لم يقر لهم قرار وجمعوا الصناجق والاغوات ببيت الدفتردار واجمعوا رأيهم على أن ينظروا هذه العصبة من اي وجاق ويخرجوا من حقهم وينفي ذلك الواعظ من البلد
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»