تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق٢ - الصفحة ١١٢
وحرملة فنقض الهرمزان ومنع ما قبله وكثف جنوده بالأكراد وبعث عتبة بن غزوان حرقوص بن زهير السعدي لقتاله فانهزم وسار إلى رام هرمز وفتح حرقوص سوق الأهواز ونزل بها واتسقت له البلاد إلى تستر ووضع الجزية وكتب بالفتح وبعث في أثر الهرمزان جزء بن معاوية فانتهى إلى قرية الشغر ثم إلى دورق فملكها وأقام بالبلاد وعمرها وطلب الهرمزان الصلح على ما بقي من البلاد ونزل حرقوص جبل الأهواز وكان يزدجرد في خلال ذلك يمد ويحرض أهل فارس حتى اجتمعوا وتعاهدوا مع أهل الأهواز على النصرة وبلغت الاخبار حرقوصا وجزءا وسلمى وحرملة فكتبوا إلى عمر فكتب إلى سعد أن يبعث جندا كثيفا مع النعمان بن مقرن ينزلون منازل الهرمزان وكتب إلى أبي موسى أن يبعث كذلك جندا كثيفا مع سعد بن عدى أخي سهيل ويكون فيهم البراء بن مالك ومجزأة بن ثور وعرفجة بن هرثمة وغيرهم وعلى الجندين أبو سبرة بن أبي رهم فخرج النعمان بن مقرن في أهل الكوفة فخلف حرقوصا وسلمى وحرملة إلى الهرمزان وهو برام هرمز فلما سمع الهرمزان بمسير النعمان إليه بادره الشدة ولقيه فانهزم ولحق بتستر وجاء النعمان إلى رام هرمز فنزلها وجاء أهل البصرة من بعده فلحقهم خبر الواقعة بسوق الأهواز فساروا حتى أتوا تستر ولحقهم النعمان فاجتمعوا على تستر وبها الهرمزان وأمدهم عمر بابي موسى جعله على أهل البصرة فحاصروهم أشهرا وأكثروا فيهم القتل وزاحفهم المشركون ثمانين زحفا سجالا ثم انهزموا في آخرها واقتحم المسلمون خنادقهم وأحاطوا بها وضاق عليهم الحصار فاستأمن بعضهم من داخل البلد بمكتوب في سهم على أن يدلهم على مدخل يدخلون منه فانتدب لهم طائفة ودخلوا المدينة من مدخل الماء وملكوها وقتلوا المقاتلة وتحصن الهرمزان بالقلعة فأطافوا بها واستنزلوه على حكم عمر وأوثقوه واقتسموا الفئ فكان سهم الفارس ثلاثة آلاف والراجل ألف وقتل من المسلمين في تلك الليلة البراء بن مالك ومجزاة بن ثور قتلهما الهرمزان ثم خرج أبو سبرة في أثر المنهزمين ومعه النعمان وأبو موسى فنزلوا على السوس وسار زر بن عبد الله الفقيمي إلى جند يسابور فنزل عليها وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري بالرجوع إلى البصرة وأمر مكانه الأسود بن ربيعة بن مالك صحابي يسمى المقترب وأرسل أبو سبرة بالهرمزان إلى عمر في وفد منهم أنس بن مالك والأحنف بن قيس فقدموا به المدينة وألبسوه كسوته من الديباج المذهب وتاجه مرصعا بالياقوت وحليته ليراه المسلمون فلما رآه عمر أمر بنزع ما عليه وقال يا هرمزان كيف رأيت أمر الله وعاقبة الغدر فقال يا عمر إنا وإياكم في الجاهلية كان الله قد خلى بينا وبينكم فغلبناكم فلما صار الآن معكم غلبتمونا قال فما حجتك وما عذرك
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»