الأرقم ما بين تيما إلى فدك وكانوا ملوك المدينة ولهم بها نخل وزرع وكان موسى عليه السلام قد بعث الجنود إلى الجبابرة يغزونهم وبعث إلى العمالقة جيشا من بنى إسرائيل وأمرهم أن لا يستبقوا أحدا فأبقوا ابنا للأرقم ضنوا به على القتل فلما رجعوا بعد وفاة موسى عليه السلام وأخبروا بنى إسرائيل بشأنه فقالوا هذه معصية لا تدخلوا علينا الشأم فرجعوا إلى بلاد العمالقة ونزلوا المدينة وكان هذا أولية سكنى اليهود بيثرب وانتشروا في نواحيها واتخذوا بها الآطام والأموال والمزارع ولبثوا زمانا وظهر الروم على بنى إسرائيل بالشأم وقتلوهم وسبوا فخرج بنو النضير وبنو قريظة وبنو يهدل هاربين إلى الحجاز وتبعهم الروم فهلكوا عطشا في المفازة بين الشأم والحجاز وسمى الموضع ثمر الروم ولما قدم هؤلاء الثلاثة المدينة نزلوا العالية فوجدوها وبية وارتادوا ونزل بنو النضير مما يلي البهجان وبنو قريظة وبنو يهدل على نهروز وكان ممن سكن المدينة من اليهود حين نزلها الأوس والخزرج بنو الشقمة وبنو ثعلبة وبنو زرعة وبنو قينقاع وبنو يزيد وبنو النضير وبنو قريظة وبنو يهدل وبنو عوف وبنو عصص وكان بنو يزيد من بلى وبنو نعيف من بلى وبنو الشقمة من غسان وكان يقال لبنى قريظة وبنى النضير الكاهنان كما مر فلما سيل العرم وخرجت الأزد نزلت أزد شنوءة الشأم بالسراة وخزاعة بطوى ونزلت غسان بصرى وأرض الشأم ونزلت أزد عمان الطائف ونزلت الأوس والخزرج يثرب نزلوا في ضرار بعضهم بالضاحية وبعضهم بالقرى مع أهلها ولم يكونوا أهل نعم وشاء لان المدينة كانت ليست بلاد مرعى ولا نخل لهم ولا زرع الا الأعذاق اليسيرة والمزرعة يستخرجها من الموات والأموال لليهود فلبثوا حينا ثم وفد مالك بن عجلان إلى أبي جبيلة الغساني وهو يومئذ ملك غسان فسأله فأخبره عن ضيق معاشهم فقال ما بالكم لم تغلبوهم حين غلبنا أهل بلدنا ووعده أنه يسير إليهم فينصرهم فرجع مالك وأخبرهم أن الملك أبا جبيلة يزورهم فأعدوا له نزلا فأقبل ونزل بذي حرش وبعث إلى الأوس والخزرج بقدومه وخشى أن يتحصن منه اليهود في الآطام فاتخذ حائرا وبعث إليهم فجاؤوه في خواصهم وحشمهم وأذن لهم في دخول الحائر وأمر جنوده فقتلوهم رجلا رجلا إلى أن أتوا عليهم وقال للأوس والخزرج إن لم تغلبوا على البلاد بعد قتل هؤلاء فلأحرقنكم ورجع إلى الشأم فأقاموا في عداوة مع اليهود ثم اجمع مالك بن العجلان وصنع لهم طعاما ودعاهم فامتنعوا لغدرة أبى جبيلة فاعتذر لهم مالك عنها وأنه لا يقصد نحو ذلك فأجابوه وجاؤا إليه فغدرهم وقتل منهم سبعة وثمانين من رؤسائهم وفطن الباقون فرجعوا وصورت اليهود بالحجاز مالك بن العجلان في كنائسهم وبيعهم وكانوا يلعنونه كلما دخلوا ولما قتلهم مالك ذلوا وخافوا وتركوا مشى بعضهم
(٢٨٧)