وافتتحوا بيت المقدس وأسروا ملكها يومئذ من اليهود وهو ارستبلوس بن الإسكندر ثامن ملوك بنى حشمناى وغربوه إلى رومة وولوا قائدهم على الشأم ثم حاربوا الغماس فكانت حربهم معهم سجالا إلى أن خرج بولس بن غايش ومعه ابن عمه لوجيار بن مدكة إلى جهة الأندلس وحارب من كان بها من الإفرنج والجلالقة إلى أن ملك برطانية واشبونة ورجع إلى رومة واستخلف على الأندلس اكتبيان بن أخيه يونان فلما وصل إلى رومة وشعر الوزراء أنه يروم الاستبداد عليهم فقتلوه فزحف اكتبيان ابن أخيه من الأندلس فأخذ بثاره وملك رومة واستولى على أرض قسطنطينية وفارس وإفريقية والأندلس وعمه يولش هو الذي تسمى قيصر فصار سمة لملوكهم من بعده وأصل هذا الاسم جاشر فعربته العرب إلى قيصر ولفظ جاشر مشترك عندهم فيقال جاشر للشعر وزعموا أن يولش ولد شعره تام يبلغ عينيه ويقال أيضا للمشقوق جاشر وزعموا أن قيصر ماتت أمه وهي مقرب فبقر بطنها واستخرج يولش والأول أصح وأقرب إلى الصواب وكانت مدة يولش قيصر خمس سنين ولما ولى قيصر اكتبيان بن أخته انفرد بملك الناحية الشمالية من الأرض ووفد عليه رسل الملوك بالمشرق يرغبون في ولايته ويضرعون إليه في السلم فأسعفهم ودانت له أقطار الأرض وضرب الإتاوة على أهل الآفاق من الصغر وكان العامل على اليهود بالشأم من قبله هيردوش بن انظفتر وعلى مصر ابنه غايش وولد المسيح لثنتين وأربعين سنة خلت من ملكه وهلك قيصر اكتبيان لست وخمسين من ملكه بعد سبعمائة وخمسين سنة لبناء رومة وخمسة آلاف ومائتين لمبدأ الخليقة انتهى كلام هروشيوش وأما ابن العميد مؤرخ النصارى فذكر عن مبدأ هؤلاء القياصرة أن أمر رومة كان راجعا إلى الشيوخ الذين يدبرون أمرهم وكانوا ثلثمائة وعشرين رجلا لأنهم كانوا حلفوا أن لا يولوا عليهم ملكا فكان تدبيرهم يرجع إلى هؤلاء وكانوا يقدمون واحدا منهم ويسمونه الشيخ وانتهى تدبيرهم في ذلك الزمان إلى اغانيوس فدبرهم أربع سنين وهو الذي سمى قيصر لان أمه ماتت وهو جنين في بطنها فبقروا بطنها وأخرجوه ولما كبر انتهت إليه رياسة هؤلاء الشيوخ برومة أربع سنين ثم ولى من بعده يوليوش قيصر ثلاث سنين ثم ولى من بعده أوغشطش قيصر بن مرنوخس قال ويقال ان أوغشطش قيصر كان أحد قواد الشيخ مدبر رومة وتوجه بالعساكر لفتح المغرب والأندلس ففتحهما وعاد إلى رومة فملك عليهم وطرد الشيخ من رياسته بها وتدبيره ووافقته الناس على ذلك وكان للشيخ نائب بناحية المشرق يقال له فمقيوس فلما بلغه ذلك زحف بعساكره إلى رومة فخرج إليه أوغشطش فهزمه وقتله واستولى على ناحية المشرق وسير عساكره إلى فتح مصر مع قائدين من قواده وهما انطونيوس ومترداب ملك الأرمن بدمشق فتوجها
(١٩٩)