تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ١٩٧
بلغتهم وكان عددهم سبعين على ما ذكر هروشيوش ولم يزل أمرهم على ذلك مدة سبعمائة سنة إلى أن استبد عليهم قيصر بولش بن غايش أول ملوك القياصرة كما نذكر بعد وكانت لهم حروب مع الأمم المجاورة لهم من كل جهة فحاربوا اليونانيين ثم حاربوا الفرس من بعدهم واستولوا على الشأم ومصر ثم ملكوا جزيرة الأندلس ثم جزيرة صقلية ثم أجازوا إلى إفريقية فملكوها وخربوا قرطاجنة وأجاز أهل إفريقية إليهم وحاصروا رومة واتصلت الفتن بينهم عشرين سنة أو نحوها على ما نذكر وذهب جماعة من الأخباريين إلى أن الروم من ولد عيصو بن إسحاق عليه السلام قال ابن كريون كان لليفاز ابن عيصو ولد اسمه صفوا ولما خرج يوسف من مصر ليدفن أباه يعقوب في مدينة الخليل عليه السلام اعترضه بنو عيصو وقاتلوه فهزمهم وأسر منهم صفوا بن اليفاز وبعثه إلى إفريقية فصار عند ملكها واشتهر بالشجاعة وحدثت الفتنة بين اغنياس وبين الكيتم وراء البحر فأجاز إليهم اغنياس في أهل إفريقية وأثخن فيهم وظهرت شجاعة صفوا بن اليفاز ثم هرب صفوا إلى الكيتم وعظم بينهم وحسن أثره في أهل إفريقية وفي الأمم المجاورة لكيتم من أموال وغيرها فزوجوه وملكوه عليهم قال وهو أول من ملك في بلاد إسبانيا وأقام ملكا خمسا وخمسين سنة ثم عد ابن كريون بعده ستة عشر ملكا من أعقابه آخرهم روملس باني رومة وكان لعهد داود عليه السلام وخاف منه فوضع مدينة رومة وبنى على جميعها هياكله ونسبت المدينة إليه وسميت باسمه وسمى أهلها الروم نسبة إليها ثم عد بعد روملس خمسة من الملوك اغتصب خامسهم رجلا في زوجه فقتلت نفسها وقتله زوجها في الهيكل وأجمع أهل رومة أن لا يولوا عليهم ملكا وقدموا شيوخا ثلثمائة وعشرين يدبرون ملكهم فاستقام أمرهم كما يجب إلى أن تغلب قيصر وسمى نفسه ملكا فصاروا من بعده يسمون ملوكا انتهى كلام ابن كريون وهو مناقض لما قاله هروشيوش فإنه زعم أن بناء رومة كان لعهد داود عليه السلام وهروشيوش قال إنه كان لعهد حزقيا رابع عشر ملوك بنى يهوذا من لدن داود عليه السلام وبين المدتين تفاوت وخبر هروشيوش مقدم لان واضعيه مسلمان كانا يترجمان لخلفاء الاسلام بقرطبة وهما معروفان ووضعا الكتاب فالله أعلم بحقيقة الامر في ذلك * (الخبر عن فتنة الكيتم مع أهل إفريقية وتخريب قرطا جنة ثم بناؤها على الكيتم وهم اللطينيون) * كان بناء قرطاجنة هذه قبل بناء رومة بثنتين وسبعين سنة قال هروشيوش على يدي ديدن بن البثا من نسل عيصو بن إسحاق وكان بها أمير يسمى ملكون وهو الذي بعث إلى الإسكندر بطاعته عند استيلائه على طرسوس ثم صار ملك إفريقية إلى أملقا من ملوكهم فافتتح صقلية وهاجت الحرب بينه وبين الرومانيين وأهل الإسكندرية بسبب
(١٩٧)
مفاتيح البحث: الشام (1)، الإقامة (1)، الحرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»