تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٢٠٢
بعد وولى مكان يعقوب النجار ابن عمه شمعون بن كتابا ثم ثار بهم اليهود وأخرجوهم من المقدس لعشر من ملك نيرون فأجازوا الأردن وأقاموا هنا لك وبعث نيرون قائده اسباشيانس وأمر بقتل اليهود وخراب القدس وتحصن اليهود منه وبنوا عليهم ثلاثة حصون وحاصرهم اسباشيانس وخرب جميع حصونهم وأحرقها وأقام عليهم سنة كاملة وقال هروشيوش ان نيرون قيصر انتقض عليه أهل مملكته فخرج عن طاعته أهل برطانية من أرض الجوف ورجع أهل أرمينية والشأم إلى طاعة الفرس فبعث صهره على أخته وهو يشبشيان ابن لوجيه فسار إليهم في العساكر وغلبهم على أمرهم ثم زحف إلى اليهود بالشأم وكانوا قد انتقضوا فحاصرهم بالقدس وبينما هو في حصاره إذ بلغه موت نيرون لأربع عشرة سنة من ملكه ثار به جماعة من قواده فقتلوه وكان قد بعث قائدا إلى جهة الجوف والأندلس فافتتح برطانية ورجع إلى رومة بعد مهلك نيرون قيصر فملكه الروم عليهم وانه قتل أخاه يشبشيان فأشار عليه أصحابه بالانصراف إلى رومة وبشره رئيس اليهود وكان أسيرا عنده بالملك ويظهر أنه يوسف بن كريون الذي مر ذكره فانطلق إلى رومة وخلف ابنه طيطش على حصار القدس فافتتحها وخرب مسجدها وعمرانها كما مر ذكره قال وقتل منهم نحوا من ستمائة ألف ألف مرتين وهلك في حصارها جوعا نحو هذا العدد وبيع من سراريهم في الآفاق نحو من تسعين ألفا وحمل منهم إلى رومة نحوا من مائة ألف استبقاهم لفتيان الروم يتعلمون المقاتلة فيهم ضربا بالسيوف وطعنا بالرماح وهي الجلوة الكبرى وكانت لليهود بعد ألف ومائة وستين سنة من بناء بيت المقدس ولخمسة آلاف ومائتين وثلاثين من مبدأ الخليقة ولثمانمائة وعشرين من بناء رومة فكان معه إلى أن افتتحها وكان المستبد بها بعد مهلك نيرون قيصر وانقطع ملك آل يواش قيصر لمائة وست عشرة سنة من مبدأ دولتهم واستقام ملك يشبشيان في جميع ممالك الروم وتسمى قيصر كما كان من قبل اه‍ كلام هروشيوش (وقال ابن العميد ان أسباشيانس لما بلغه وهو محاصر للقدس ان نيرون هلك ذهب بالعساكر الذين معه وبشره يوسف بن كريون كهنون طبرية من اليهود بأن مصير ملك القياصرة إليه ثم بلغه أن الروم بعد مهلك نيرون ملكوا غليان بن قيصر فأقام عليهم تسعة أشهر وكان ردئ السيرة وقتله بعض خدمه غيلة وقدموا عوضه أنون ثلاثة أشهر ثم خلعوه وملكوا ابطالس ثمانية أشهر فبعث اسباشيانس وهو الذي سماه هروشيوش يشبشيان قائدين إلى رومة فحاربوا بطانش وقتلوه وسار اسباشيانس إلى رومة وبعث إليه طيطش المحاصر للقدس بالأموال والغنائم والسبي قال وكانت عدة القتلى ألف ألف والسبي تسعمائة ألف واحتمل الخوارج الذين كانوا في نواحي القدس
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»