عمر من هذا والذي قاله غير ممتنع من جهة فساد التكوين وإنما امتنع فيما وراء خط الاستواء في الجنوب من جهة أن العنصر المائي غمر وجه الأرض هنالك إلى الحد الذي كان مقابله من الجهة الشمالية قابلا للتكوين ولما امتنع المعتدل لغيبة الماء تبعه ما سواه لان العمران متدرج ويأخذ في التدريج من جهة الوجود لامن جهة الامتناع وأما القول بامتناعه في خط الاستواء فيرده النقل المتواتر والله أعلم ولنرسم بعد هذا الكلام صورة الجغرافيا كما رسمها صاحب كتاب زخار ثم نأخذ في تفصيل الكلام عليها إلى آخره تفصيل الكلام على هذه الجغرافيا إعلم أن الحكماء قسموا هذا المعمور كما تقدم ذكره على سبعة أقسام من الشمال إلى الجنوب يسمون كل قسم منها إقليما فانقسم المعمور من الأرض كله على هذه السبعة الأقاليم كل واحد منها آخذ من الغرب إلى الشرق على طوله. فالأول منها مار من المغرب إلى المشرق مع خط الاستواء بحده من جهة الجنوب وليس وراءه هنالك إلا القفار والرمال وبعض عمارة إن صحت فهي كلا عمارة ويليه من جهة شماليه الإقليم الثاني ثم الثالث كذلك ثم الرابع والخامس والسادس والسابع وهو آخر العمران من جهة الشمال وليس وراء السابع إلا الخلاء والقفار إلى أن ينتهي إلى البحر المحيط كالحال فيما وراء الإقليم الأول في جهة الجنوب إلا أن الخلاء في جهة الشمال أقل بكثير من الخلاء الذي في جهة الجنوب. ثم إن أزمنة الليل والنهار تتفاوت في هذه الأقاليم بسبب ميل الشمس عن دائرة معدل النهار وارتفاع القطب الشمالي عن آفاقها فيتفاوت قوس الليل والنهار لذلك وينتهي طول الليل والنهار في آخر الإقليم الأول وذلك عند حلول الشمس برأس الجدي لليل وبرأس السرطان للنهار كل واحد منهما إلى ثلاث عشرة ساعة وكذلك في آخر الإقليم الثاني مما يلي الشمال فينتهي طول النهار فيه عند حلول الشمس برأس السرطان وهو منقلبها الصيفي إلى ثلاث عشرة ساعة ونصف ساعة ومثله أطول الليل عند منقلبها الشتوي برأس الجدي ويبقى للأقصر من الليل والنهار ما يبقى بعد الثلاث عشرة ونصف من جملة أربع وعشرين الساعات الزمانية لمجموع الليل والنهار وهي دورة الفلك الكاملة
(٥٢)