تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٥٣
وكذلك في آخر الإقليم الثالث مما يلي الشمال أيضا ينتهيان إلى أربع عشرة ساعة وفي آخر الرابع إلى أربع عشرة ساعة ونصف ساعة وفي آخر الخامس إلى خمس عشرة ساعة وفي آخر السادس إلى خمس عشرة ساعة ونصف وإلى آخر السابع إلى ست عشرة ساعة وهنالك ينقطع العمران فيكون تفاوت هذه الأقاليم في الأطول من ليلها ونهارها بنصف ساعة لكل إقليم يتزايد من أوله في ناحية الجنوب إلى آخره في ناحية الشمال موزعة على أجزاء هذا البعد. وأما عرض البلدان في هذه الأقاليم وهو عبارة عن بعد ما بين سمت رأس البلد ودائرة معدل النهار الذي هو سمت رأس خط الاستواء وبمثله سواء ينخفض القطب الجنوبي عن أفق ذلك البلد ويرتفع القطب الشمالي عنه وهو ثلاثة أبعاد متساوية تسمى عرض البلد كما مر ذلك قبل.
والمتكلمون على هذه الجغرافيا قسموا كل واحد من هذه الأقاليم السبعة في طوله من المغرب إلى المشرق بعشرة أجزاء متساوية ويذكرون ما اشتمل عليه كل جزء منها من البلدان والأمصار والجبال والأنهار والمسافات بينها في المسالك ونحن الآن نوجز القول في ذلك ونذكر مشاهير البلدان والأنهار والبحار في كل جزء منها ونحاذي بذلك ما وقع في كتاب نزهة المشتاق الذي ألفه العلوي الإدريسي الحمودي لملك صقلية من الإفرنج وهو زخار بن زخار عند ما كان نازلا عليه بصقلية بعد خروج صقلية من إمارة مالقة وكان تأليفه للكتاب في منتصف المائة السادسة وجمع له كتبا جمة للمسعودي وابن خرداذيه والحوقلي والقدري وابن إسحاق المنجم وبطليموس وغيرهم ونبدأ منها بالإقليم الأول إلى آخرها والله سبحانه وتعالى يعصمنا بمنه وفضله الإقليم الأول * وفيه من جهة غربيه الجزائر الخالدات التي منها بدأ بطليموس بأخذ أطوال البلاد وليست في بسيط الإقليم وإنما هي في البحر المحيط جزر متكثرة أكبرها وأشهرها ثلاث ويقال إنها معمورة وقد بلغنا أن سفائن من الإفرنج مرت بها في أواسط هذه المائة وقاتلوهم فغنموا منهم وسبوا وباعوا بعض أسراهم بسواحل المغرب الأقصى وصاروا إلى خدمة السلطان فلما تعلموا اللسان العربي أخبروا عن حال جزائرهم وأنهم يحتفرون الأرض للزراعة بالقرون وأن
(٥٣)
مفاتيح البحث: السب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»