تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٤٧
القلزم وبحر السويس وبينه وبين فسطاط مصر من هنالك ثلاث مراحل وعليه من جهة الشرق سواحل اليمن ثم الحجاز وجدة ثم مدين وأيلة وفاران عند نهايته ومن جهة الغرب سواحل الصعيد وعيذاب وسواكن وزيلع ثم بلاد الحبشة عند مبدئه وآخره عند القلزم يسامت البحر الرومي عند العريش وبينهما نحو ست مراحل وما زال الملوك في الاسلام وقبله يرومون خرق ما بينهما ولم يتم ذلك والبحر الثاني من هذا البحر الحبشي ويسمى الخليج الأخضر يخرج ما بين بلاد السند والأحقاف من اليمن ويمر إلى ناحية الشمال مغربا قليلا إلى أن ينتهي إلى الأبلة من سواحل البصرة في الجزء السادس من الإقليم الثاني على أربعمائة فرسخ وأربعين فرسخا من مبدئه ويسمى بحر فارس وعليه من جهة الشرق سواحل السند ومكران وكرمان وفارس والأبلة وعند نهايته من جهة الغرب سواحل البحرين واليمامة وعمان والشحر والأحقاف عند مبدئه وفيما بين بحر فارس والقلزم وجزيرة العرب كأنها داخلة من البر في البحر يحيط بها البحر الحبشي من الجنوب وبحر القلزم من الغرب وبحر فارس من الشرق وتفضي إلى العراق بين الشام والبصرة على ألف وخمسمائة ميل بينهما وهنا لك الكوفة والقادسية وبغداد وإيوان كسرى والحيرة ووراء ذلك أمم الأعاجم من الترك والخزر وغيرهم وفي جزيرة العرب بلاد الحجاز في جهة الغرب منها وبلاد اليمامة والبحرين وعمان في جهة الشرق منها وبلاد اليمن في جهة الجنوب منها وسواحله على البحر الحبشي. قالوا وفي هذا المعمور بحر آخر منقطع من سائر البحار في ناحية الشمال بأرض الديلم يسمى بحر جرجان وطبرستان طوله ألف ميل في عرض ستمائة ميل في غربيه أذربيجان والديلم وفي شرقيه أرض الترك وخوارزم وفي جنوبيه طبرستان وفي شماليه أرض الخزر واللان. هذه جملة البحار المشهورة التي ذكرها أهل الجغرافيا. قالوا وفي هذا الجزء المعمور أنهار كثيرة أعظمها أربعة أنهار وهي النيل والفرات ودجلة ونهر بلخ المسمى جيحون. فأما النيل فمبدأه من جبل عظيم وراء خط الاستواء بست عشرة درجة على سمت الجزء الرابع من الإقليم الأول ويسمى جبل القمر ولا يعلم في الأرض جبل أعلى منه تخرج منه عيون كثيرة فيصب بعضها في بحيرة هناك وبعضها في أخرى ثم تخرج أنهار من البحيرتين فتصب كلها في بحيرة
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»