تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٥٠
على سطح الأرض خط واحد يسامت دائرة معدل النهار يمر من المغرب إلى المشرق ويمسى خط الاستواء ووقع هذا الخط بالرصد على ما زعموا في مبدأ الإقليم الأول من الأقاليم السبعة والعمران كله في الجهة الشمالية يرتفع عن آفاق هذا المعمور بالتدريج إلى أن ينتهي ارتفاعه إلى أربع وستين درجة وهنالك ينقطع العمران وهو آخر الإقليم السابع وإذا ارتفع على الأفق تسعين درجة وهي التي بين القطب ودائرة معدل النهار على الأفق وبقيت ستة من البروج فوق الأفق وهي الشمالية وستة تحت الأفق وهي الجنوبية والعمارة فيما بين الأربعة والستين إلى التسعين ممتنعة لان الحر والبرد حينئذ لا يحصلان ممتزجين لبعد الزمان بينهما فلا يحصل التكوين فإذا الشمس تسامت الرؤوس على خط الاستواء في رأس الحمل والميزان ثم تميل عن المسامتة إلى رأس السرطان ورأس الجدي ويكون نهاية ميلها عن دائرة معدل النهار أربعا وعشرين درجة ثم إذا ارتفع القطب الشمالي عن الأفق مالت دائرة معدل النهار عن سمت الرؤوس بمقدار ارتفاعه وانخفض القطب الجنوبي كذلك بمقدار متساو في الثلاثة وهو المسمى عند أهل المواقيت عرض البلد وإذا مالت دائرة معدل النهار عن سمت الرؤوس علت عليها البروج الشمالية مندرجة في مقدار علوهما إلى رأس السرطان وانخفضت البروج الجنوبية من الأفق كذلك إلى رأس الجدي لانحرافها إلى الجانبين في أفق الاستواء كما قلناه فلا يزال الأفق الشمالي يرتفع حتى يصير أبعد الشمالية وهو رأس السرطان في سمت الرؤوس وذلك حيث يكون عرض البلد أربعا وعشرين في الحجاز وما يليه وهذا هو الميل الذي إذا مال رأس السرطان عن معدل النهار في أفق الاستواء ارتفع بارتفاع القطب الشمالي حتى صار مسامتا فإذا ارتفع القطب أكثر من أربع وعشرين نزلت الشمس عن المسامتة ولا تزال في انخفاض إلى أن يكون ارتفاع القطب أربعا وستين ويكون انخفاض الشمس عن المسامتة كذلك وانخفاض القطب الجنوبي عن الأفق مثلها فينقطع التكوين لافراط البرد والجمد وطول زمانه غير ممتزج بالحر. ثم إن الشمس عند المسامتة وما يقاربها تبعث الأشعة قائمة وفيما دون المسامتة على زوايا منفرجة وحادة وإذا كانت زوايا الأشعة قائمة عظم الضوء وتنشر بخلافه في المنفرجة والحادة فلهذا يكون
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»