تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٤٧٨
الحياة وأمثال ذلك فيحفظ المعبر هذه القوانين الكلية ويعبر في كل موضع بما تقتضيه القرائن التي تعين من هذه القوانين ما هو أليق بالرؤيا وتلك القرائن منها في اليقظة ومنها في النوم ومنها ما ينقدح في نفس المعبر بالخاصية التي خلقت فيه وكل ميسر لما خلق له ولم يزل هذا العلم متناقلا بين السلف وكان محمد بن سيرين فيه من أشهر العلماء وكتب عنه في ذلك القوانين وتناقلها الناس لهذا العهد وألف الكرماني فيه من بعده ثم ألف المتكلمون المتأخرون وأكثروا والمتداول بين أهل المغرب لهذا العهد كتب ابن أبي طالب القيرواني من علماء القيروان مثل الممتع وغيره وكتاب الإشارة للسالمي وهو علم مضئ بنور النبوءة للمناسبة التي بينهما كما وقع في الصحيح والله علام الغيوب الفصل الثالث عشر في العلوم العقلية وأصنافها وأما العلوم العقلية التي هي طبيعية للانسان من حيث أنه ذو فكر فهي غير مختصة بملة بل بوجه النظر فيها إلى أهل الملل كلهم ويستوون في مداركها ومباحثها وهي موجودة في النوع الانساني منذ كان عمران الخليقة وتسمى هذه العلوم علوم الفلسفة والحكمة وهي مشتملة على أربعة علوم الأول علم المنطق وهو علم يعصم الذهن عن الخطأ في اقتناص المطالب المجهولة من الأمور الحاصلة المعلومة وفائدته تمييز الخطأ من الصواب فيما يلتمسه الناظر في الموجودات وعوارضها ليقف على تحقيق الحق في الكائنات بمنتهى فكره ثم النظر بعد ذلك عندهم إما في المحسوسات من الأجسام العنصرية والمكونة عنها من المعدن والنبات والحيوان والأجسام الفلكية والحركات الطبيعية والنفس التي تنبعث عنها الحركات وغير ذلك ويسمى هذا الفن بالعلم الطبيعي وهو الثاني منها وإما أن يكون النظر في الأمور التي وراء الطبيعة من الروحانيات ويسمونه العلم الإلهي وهو الثالث منها والعلم الرابع وهو الناظر في المقادير ويشتمل على أربعة علوم وتسمى التعاليم أولها علم الهندسة وهو النظر في المقادير على الاطلاق إما المنفصلة من حيث كونها معدودة أو المتصلة وهي إما ذو بعد واحد وهو الخط أو ذو بعدين وهو السطح أو ذو أبعاد ثلاثة وهو
(٤٧٨)
مفاتيح البحث: النوم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 ... » »»