* ما رحلت العيس عن أرضكم * فرأت عيناي شيئا حسنا * وقال من أبيات * وعلى الغضا إن منت من جيرانه * نار تقسم حرها العشاق * * ومحلئون عن المناهل بعد ما * شرقت بجمة مائها الطواق * * ومشتت العزمات ينفق عمره * حيران لا ظفر ولا إخفاق * * أمل يلوح اليأس في أثنائه * وغنى يشف وراءه الإملاق * * يمري عفافه ثروة لو أنها * نوم لما شعرت به الأحداق * وقال أيضا * سلا ظبية الوعساء هل فقدت خفا * فإنا لمحنا من مرابعها طرفا * * وقلا لخوط البان فليمسك الصبا * عليها فإنا قد عرفنا بها عرفا * * سرت من هضاب الشام وهي مريضة * فما ظهرت إلا وقد كاد أن تخفى * * عليلة أنفاس تداوي بها الجوى * وضعفي ولكن قد وجدنا بها ضعفا * * وهاتفة في البان تملي غرامها * وتتلو علينا من صبابتها صحفا * * عجبت لها تشكو الفراق جهالة * وقد جاوبت من كل ناحية ألفا * * ويشجي قلوب العاشقين حنينها * وما فهموا مما تغنت به حرفا * * ولو صدقت فيما تقول من الأسى * لما لبست طوقا ولا خضبت كفا * * أجارتنا أذكرت من كان ناسيا * وأضرمت نارا للصبابة لا تطفا * * وفي جانب الماء الذي تردينه * مواعيد لا ينكرن ليا ولا خلفا * * ومهزوزة للبان فيها تمايل * جعلن لها في كل قافية وصفا * * لبسنا عليها بالثنية ليلة * من السود لم يطو الصياح لها سجفا * * لعمري لئن طالت علينا فإننا * بحكم الثريا قد قطعنا لها كفا * * رمينا بها في الغرب وهي ضعيفة * ولم نبق للجوزاء عقدا ولا شنفا * * كأن الدجى لما تولت نجومه * مدبر حرب قد هزمنا له صفا * * كأن عليه للمجرة روضة * مفتحة الأنوار أو نثرة زغفا * * كأنا وقد ألقى إلينا هلاله * سلناه جاما أو فصمنا له وقفا *
(٥٧٤)